الحريق الاخضر في ايران يهدد دول المشرق والخليج

صدرت في ٢٦ من محرم الحرام ١٣٩٩ هجري

تحت هذا العنوان نشرت مجلة الصياد اللبنانية مقالا تضمن مقتطفات من تقريرين لاثنين من كبار الصحفيين الغربيين تدل على مدى التخوف لدى الدول الاستعمارية الكبرى من المد الاسلامي. وفي هذه الفقرات التي ننقلها دلالات للدعاة وراء مايفهمه الغربيون واتباعهم، وفيها هنات وأخطاء لاتخفى على الدعاة. قال المقال:

”هل يمكن ان يمتدّ الحريق الاخضر“ في ايران الى دول عربية اخرى؟ بعض الصحافيين الاميركيين البارزين يجيب على هذا السؤال بـ ”نعم“، ففي الاسبوع الاول من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي نشرت صحيفة ”هيرالدتربيون“ مقالا رئيسيا للمعلق جيمس رستون بعنوان ”ثورة مضادة في الشرق الاوسط“. تبعته في الاسبوع الاخير من الشهر ذاته بتقرير من طهران للصحافي جوناتان كانديل كان عنوانه ”الاحياء الاسلامي يهز انظمة بمختلف الظلال“. التقرير جاء تفصيلاً للمقال واجمعا على ان المنطقة العربية معرضة الآن ”لاعصار اسلامي“ سيغير وجهها وحكامها وربما العالم من حولها.

رستون قال ان المسؤولين في واشنطن ينظرون الى مايحدث في ايران على انه رمز لـ

”ثورة مضادة دينية جذرية، تترك تأثيراتها امتدادا من لبنان عبر سوريا والسعودية والى باكستان“

وقال

“ ما يحدث في ايران الآن يمكن ان يتسرب بسهولة الى داخل العراق ودول الامارات الغنية بالنفط“.

كانديل قال

”ان رياح الاحياء الديني تجتاح بدرجات مختلفة من القوة عالم ٦٠٠ مليون مؤمن بالاسلام، من شمال افريقيا والشرق الاوسط الى وسط اسيا وجنوبها الشرقي“..

ماذا تتوقع ”هيرالد تربيون“ حدوثه في الدول العربية؟

السعودية يظهر فيها ”بصورة خاصة“ التناقض بين طرق الحياة القديمة والحديثة. بين التقاليد الدينية والعصرنة.

سوريا ينطبق عليها ما ورد اعلاه بصورة اقل.

العراق ينطبق عليه الامر ذاته ويمكن ان يتسرب اليه مايحدث في ايران.

اتحاد الامارات العربية يمكن ان يتسرب اليه ما يحدث في ايران.

ما هو وضع ليبيا وسط ”الاعصار الاسلامي“؟

انه يبدو مختلفا. كانديل وصف العقيد معمر القدافي بأنه ”منشط“ اسلامي و“احيائي“. وروي انه عندما طلبت موسكو منه، حديثا، فتح قنصلية جديدة في ليبيا طلب في المقابل فتح قنصلية ليبية في طشقند اكبر المدن في المنطقة التي تسكنها اغلبية مسلمة من الاتحاد السوفياتي. وقد ادى موقف القدافي على ذلك النحو الى سحب الطلب السوفياتي سريعا.

الكويت نقلت وكالات الانباء منها في الاسبوع الماضي ان لجنة خاصة كانت تراجع مشروع قانون العقوبات الكويتي لمناقشته واقراره، وهو يتضمن جلد الزاني مئة جلدة، جلد شارب الخمر اربعين جلدة (لا ينطبق على غير المسلمين) وقطع يد السارق، مع حق استئناف الحكم في هذه الحالة. وذلك في محاولة التوفيق بين العصرنة والشريعة الاسلامية.

وما هو وضع الدول الاخرى غير العربية في المنطقة؟

تركيا تعاني من التناقض بين العصرنة والتعاليم الدينية ايضا.

(وفي الآونة الاخيرة تجددت اعمال العنف بين اليمين واليسار في منطقة ارفا بشرقي تركيا, مما دفع الجيش لانزال دباباته الى الشوارع).

افغانستان توجد فيها انقسامات دينية ويزعج نظام الحكم فيها برئاسة نور محمد طرقي حركة عصابات اسلامية تتركز في باكستان.

باكستان ذاتها يلعب الدين دورا رئيسيا في سياستها العامة، فلقد ساهم المحافظون المسلمون في الانقلاب العسكري ضد رئيس الوزراء السابق ذو الفقار علي بوتو. اما خليفته الجنرال ضياء الحق فانه يقارع بشدة لاعلاء الاسلام بمثابة قوة توحيد للبلاد. ووعد بالتوفيق بين القانون ومتون الشريعة. وبموجب اصلاح يعد الآن سيعمل على الغاء الفوائد على الاموال المودعة في المصارف ومن النظام المالي تدريجيا.

ماليزيا تشهد ”هبة“ اسلامية ايضا. فهناك منظمة تحمل اسم ”جيش الله“ دعت الى طرد غير المسلمين من البلاد واتهمت بتدنيس اكثر من عشرين مركزا دينيا للهندوس. وبضغوط طلاب الجامعات على الدولة لتعدل القوانين المدنية والجنائية والتجارية بحيث تتمشى مع الشريعة..

هل سيستفيد السوفيات من ”الهبة“ الدينية في المنطقة؟

من المعروف ان الامريكيين ـ ووزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر ـ هم الذين اطلقوا الحرب الطائفية في لبنان وخططوا لها. وانهم عادوا فأطلقوا شرارة الاحداث الحالية في ايران.

فهل يعقل ان يزرع الاميركيون ليجني السوفيات؟

كانديل كتب ان السوفيات

”يبدون قلقين بسبب النفوذ. او التأثير الممكن لحركة احياء الاسلام علي ملايين المسلمين في الاتحاد السوفياتي ذاته“.

في الوقت ذاته فان عدة تقارير اميركية واوروبية نشرمنها تقرير بريطاني عربي اخيرا تفيد بـأن تحويل الدول المجاورة للاتحاد السوفياتي وكذلك الدول العربية الى دول اسلامية سيستعمل في نهاية المطاف بهدف اسقاط التجربة الماركسية ـ اللينينية في الاتحاد السوفياتي..ويشير بعض تلك التقارير الى ان نسبة المسلمين في الاتحاد السوفياتي تبلغ ٣٨ بالمئة. وان عدد المسلمين هناك سيتضاعف في العام ٢٠٠٠م.

صحيفة ”تايمز“ اللندنية قالت قبل توقفها عن الصدور في مقال حول احداث ايران

”ان العناصر الاسلامية القومية المحافظة التي ليست لها خبرة واسعة في شؤون الحكم ستكون بالتأكيد مناهضة للاميركيين“

ولكنها ستكون ايضا اميل الى العداء للسوفيات فضلا عن ان تأثيرها يمكن ان يمتد الى المسلمين.

ان واشنطن التي وضعت في الماضي معادلة لتحكم الاقلية الدينية بالاكثرية الدينية في كل بلد عربي قررت على مايبدو نسف تلك المعادلة. وتطبيق معادلة جديدة تقضي بتحكيم الاكثرية في كل دولة عربية بالاقلية.

اذا صح هذا الاحتمال الاخير فان احد الاهداف الرئيسية للرياح الدينية التي بدأت في اجتياح المنطقة وستواصل اجتياحها من المحيط الى الخليج ستؤدي الى تغيير العديد من الانظمة العربية ومن الحكام العرب، بدئا باضطرابات دينية، مرورا بانقلابات عسكرية وانتهاءاً الى انظمة اسلامية يقودها جامعيون أو نافذون عرب اصدقاء للولايات المتحدة.

ماهو تأثير ”الفيضان الديني“ على التسوية السياسية للصراع..العربي ـ الاسرائيلي؟

رستون يدعي ان التأثير سيكون عكسيا. فان ”الدول العربية يمكن ان تصيبها هذه (الثورة المضادة) بالفالج، فتصبح غير قادرة على صنع السلام أو حتى على الحل الوسط مع اسرائيل والعرب“.

الاّ ان مراقبا مطلعا طرحت عليه الصياد تقرير رستون لم يوافق عليه. وذكر بأن مفتي مصر الجديد ـ الذي خلف المفتي الاكبر السابق الذي توفي بنتيجة عملية لاستئصال المرارة ـ قد أفتى اخيرا لصالح عقد المعاهدة المصرية ـ الاسرائيلية باعتبار الاسرائيليين من اهل الكتاب. وذكر المراقب ذاته الآيات العديدة حول ”بني اسرائيل“ في القرآن والتي يمكن ان تستخدم لصالح التسوية السياسية مستقبلا.

مع ذلك فانه لم يستبعد ان تهدد ”الثورة المضادة“ الاسلامية مصير اسرائيل في المدى البعيد. وذلك على اساس انه في تخيير الولايات المتحدة بين بقاء اسرائيل والاتحاد السوفياتي معا أو ذهابهما معا فانها ستختار الاحتمال الثاني.