حكام المسلمين يقولون ما لا يفعلون

نشرت في "صوت الدعوة" العدد الثالث والعشرون صفر ١٣٩٨ هجري

عقد اتحاد الحقوقيين العرب مؤتمرا في بغداد تحت اسم (حقوق الانسان والحريات الديمقراطية في الوطن العربي) واهتم الاعلام العربي والعراقي خاصة بالتهليل لهذه الدورة ولأول اعلان من نوعه يتضمن البنود الاساسية لحقوق الانسان العربي وحرياته الديمقراطية، وكذلك للبحوث والدراسات حول حقوق الانسان العربي السياسية والاقتصادية وحرية الصحافة والتشريعات والمحاكم الاستثنائية المقيدة للحريات العامة وقضايا المعتقلين السياسيين والتمييز العنصري.. الخ ولأن المؤتمر ينعقد في اطار السنة الدولية للمطالبة بأطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين.. وقد اشتركت في المؤتمر المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان في الوطن العربي واتحاد المحامين والصحفيين العرب والجامعة العربية والمنظمات الحقوقية الاعضاء في الاتحاد.. الخ…هذا ما يقوله العرب.

وما يفعلونه مخالف تماما.

لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٢﴾ كَبُرَ‌ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٣﴾.

ان الظلم الواقع على الانسان المسلم في جميع بلاد المسلمين يشترك فيه الحكام كما تشترك فيه الاجهزة المساعدة التي تسير في ركاب الحكام من اتحادات ونقابات وجمعيات، من صحفيين وحقوقيين.. الخ.

واليكم صورة من الظلم الصارخ الذي يقع على المسلمين في بلادهم في العراق ومصر وايران والباكستان والافغان والصومال واليمن والسعودية والجزائر والمغرب وكل بلاد المسلمين. الظلم الصارخ من هيئات رسمية تجتمع الاجتماع تلو الاجتماع لتبحث حقوق الانسان وشؤون المعتقلين السياسيين وحرية الصحافة والثقافة..

يقول احد المسلمين:

”لم أكن استطيع الوقوف على قدمي وكانت قدماي مهترئتين وبهما جروح غائرة وملابسي ملطخة بالدماء التي تسيل اثناء التعذيب. وكان الجلادون يطفئون السجائر في المناطق الحساسة من جسمي، ويتلذذ الجلاد عندما يفوح لحمي المحروق بالسجائر ويقول: احب ان اشم رائحة اللحم المشوي. وكان يشدني من شعري ويطلب مني ان انظف حذاءه بلساني“

ويقول مسلم آخر:

”استدعى مدير امن النجف عددا من رؤساء المواكب الحسينية واجتمع بهم وشدّد عليهم القول بعدم تحريك ساكن والا فانهم لا ينتظرون الا القمع الشديد والمطاردة والسجن والتعذيب. وكان رد الحاضرين بأنهم ليس لهم حول ولا قوة في قيادة الناس ومنعهم من الخروج في المواكب عدا عبد الوهاب عزيز الطالقاني الذي ظل ساكتا دون كلمة فاستنطقه مدير الامن:

ما هو رأيك يا وهاب انك لم تتحدث بشيء.

فأجاب: اذا كان لله مشيئة باقامة الشعائر الحسينية التي يقوم بها الناس فلا سبيل الى منعها، وان لم يكن له مشيئة ولا رضا في ذلك فانها سوف تندثر وتموت لا محالة.

وقد اخذ هذا الرجل المسلم وقتل تحت التعذيب الوحشي ولم تسلم جثته الى ذويه بل دفنه رجال الأمن.“

وقال مسلم آخر:

”اما رجال الامن فسددوا فوهات رشاشاتهم على موكب الزوار من الاطفال والشباب الصغار الذين لاتتجاوز اعمارهم اثنتي عشر سنة في الطريق الصحراوي بين النجف وكربلاء شاهدت الموقف بأم عيني وحاولت ان اهدئ النفوس بما املك من وسائل فاحتضنت عددا من هؤلاء الاطفال الذين علا صراخهم خوفا من اصوات البنادق وحاولت ان اطمئنهم. ورأيت ثلاثة اشخاص اصيبوا بطلقات اثيمة قتلت اثنين منهم في الحال كان احدهم في الصف الثاني للدراسة المتوسطة لا يزيد عمره على ١٤ سنة.“

وقال مسلم آخر:

”استعدت مدينة الفلوجة لاقامة احتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ولم يرق للمنظمة الحزبية المسيطرة على الحكم المحلي هذا الاحتفال فقرروا اقامة حفل ماجن في تلك الليلة في بناية المنظمة الكائن قرب جامع الفلوجة الذي كان من المقرر اقامة الاحتفال فيه، فاحضرت الغانيات والخمور واجتمع الموظفون والمتملقون وضعاف النفوس وبدأ الحفل التشويشي عصرا ثم حدثت مشادة بين القائمين على الاحتفال بمولد الرسول ﷺ وبين المتسلطين الحزبيين فجاءت سيارات الشرطة واخذت عددا من ابناء المدينة واعتقلتهم.“

ويقول مسلم آخر:

”غدا الركب الصغير منذ الشروق يحث السير متعقبا قرص الشمس نحو الصحراء..كنا خمسة اشخاص نسير على اقدامنا وقد انقضت الاحمال ظهورنا. فرحان وحسين وعليان وحامد ثم انا. وكنا نسير صفا واحداً بهذا الترتيب فرحان يتقدمنا جميعا لأنه دليل الركب فهو اعرفنا بمسالك الصحراء ودروبها عرف الكثير عنها حين اشتغل بتهريب السلاح ونقله في الصحراء من بلد الى آخر…

وكان افراد الركب الصغير يحملون قربتين من الماء وسلة ملئت خبزاً يابسا وقليلا من الطعام وبطانيتين خشنتين من صوف الاغنام وبعض الملابس والادوات.

وكان كل منهم يحمل بندقية وبعض الذخيرة وسكينا، وكنت انا بجسمي الهزيل الذي ارهقه السير اياما فراح يضطرب في الثوب الفضفاض الذي ارتديته كنت انا ابطأ الركب سيراً واشد افراده شعورا بثقل ما أحمل مع اني لم اكن احمل غير ثيابي وسلاحي وقلقي..

وراودتني في كل مرة استريح فيها فكرة ان اعود من حيث اتيت.. ولكن الى اين اعود، الى سجن اعلم ما فيه من اهوال وصنوف العذاب ثم الى محاكمة صورية اعلم ما تنطوي عليه من ظلم..

..وعند العصر ودعني رفاقي جميعا وعادوا.. تركوني وحيدا بغير انيس من انسان أو كتاب أو قلم. واجتاحني شعور عارم بالوحشة حتى كلكل الليل وتكاثر حولي العواء فانست به“.

ان اخبار اعدام علماء المسلمين في العراق والصومال، واعدام الشباب الاسلامي في مصر والعراق وايران، واضطهاد العمل الاسلامي في باكستان والهند والافغان وذبح المسلمين في ارتيريا والفليبين وكشمير وسيلان.. الخ. يلفها تعتيم اعلامي متعمد، ولكن ما يظهر من اخبار في الصحف وعلى الالسنة والمنشورات القليلة يدل على المحنة العظيمة التي يعيشها المسلمون اليوم، وعلى مدى الخداع والوقاحة الذي يتصف به حكام المسلمين حينما يتكلمون عن حرية الانسان في الوطن العربي والوطن الاسلامي.