الفكر السياسي والمرحلة السياسية

نشرت في "صوت الدعوة" العدد الخامس ذي الحجة ١٣٨٣ هجري

يظهر من احاديث بعض الدعاة ان هناك من يخلط بين امرين يتشابهان في الاسم ويختلفان بالمسمى وهما الفكر السياسي والمرحلة السياسية ولتوضيح ذلك لا بد من شرح موجز لكل منهما: فالفكر السياسي يعرف بكل فكر يتعلق برعاية الناس داخل الدولة وخارجها وهذه الرعاية تستمد من مبدأ أو فكرسياسي يسود الدولة نفسها عرافة او تقليدا وسنعرض بعض الصور من مصاديق الفكر السياسي ليكون ذلك بمثابة الشرح له.

اولا: من صور الفكر السياسي: الفكر الذي يتعلق بالعلاقات الدولية سواء كان تخطيطا للعلاقات أو كان فهما لها ـ ولتوضيح مفهوم العلاقات الدولية نقول ان للدول فيما بينها علاقات كالعلاقات الدبلوماسية والعلاقات السياسية والعلاقات الاقتصادية. فبعض الدول لها علاقات واسعة مع دول العالم وبعض الدول لها علاقات ضيقة، كما ان بعض الدول لها علاقات قوية وغيرها علاقاتها ضعيفة، ان قوة وسعة العلاقات هي التي تؤثر على موقف الدولة في العالم قوة وضعفا. وكمثال للعلاقات الدولية نضرب بعض الامثلة: لحد الآن لم تعترف الولايات المتحدة بالصين الشعبية ولا تتعامل معها سياسيا أو اقتصاديا وليس هناك بينهما علاقات دبلوماسية.

وعدا هذا فان الولايات المتحدة تحاول ان تعزلها عن العالم الخارجي، فلا ترضى انتسابها للامم المتحدة وتعارض اي معاملة يقوم بها اصدقاؤها مع الصين وهي فوق هذا قد تعمل أو تحاول القضاء على نظام الحكم فيها، وكمثال آخر للعلاقات الدولية بعد ان منحت فرنسا الاستقلال الظاهري لبضعة عشر دويلة افريقية تسمى اليوم بكتلة دول برازافيل ربطتها مع بعضها بمعاهدات حلت محل الحكم الفرنسي المباشر. وذلك لاجهاض الحركات المعادية لفرنسا في تلك الدول وللاستفادة منها كدول معترف بها دوليا وللاستفادة من اصواتها في الامم المتحدة.

ومظهر آخر للعلاقات الدولية المساعدات الفنية والاقتصادية التي بدأتها الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. وظلت تتوسع بها فاصبحت جزءا من سياستها الخارجية لتوسيع نفوذها وتقليص نفوذ منافسيها حتى اتبعتها روسيا في هذا الاسلوب في عهد خروشوف وكذا بقية الدول الكبرى كما أن في وجود هيئة الامم المتحدة والهيئات العديدة المتفرعة عنها وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات الدولية مظاهر للعلاقات الدولية.

ثانيا: ومن الصور الاخرى كل فكر يتعلق بفهم أو بوضع الخطط السياسية والأعمال السياسية التي تتصل بالموقف الدولي.

ويمكن تصوير الموقف الدولي بشكل وهمي يوضح مركز الثقل في دول العالم ويمكن تخيل هذا الشكل وقد وضعت الدولة صاحبة النفوذ الاكبر في السياسة العالمية ثم الدولة والدولتان التي تنافسها السلطة والزعامة العالمية في رأس القائمة بتفاوت في ارتفاع يتناسب مع قوة كل دولة ثم ترتب بقية الدول بالتدريج الضعيفة فالأضعف. والموقف الدولي يتبدل في كل حقبة من الزمن ومعرفته تحتاج الى فهم وتتبع الوضع الدولي العالمي، ولابد لمن يريد ان يحصل على ذلك ان يبحث موقف كل دولة على حدة ازاء الدول الاخرى، ويبحث عن مركز الثقل السياسي الدولي في العالم في جانب اي دولة يكون وأى من الدول ينافس هذه الدولة لاحتلالها المركز فمثلا نرى اليوم ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ان الولايات المتحدة هي التي تمثل مركز الثقل السياسي الدولي في العالم فهي التي تؤثر على اجهزة وسير قرارات هيئة الامم المتحدة. وروسيا كانت زعيمة المعسكر الشيوعي الا أنها اضعف من الولايات المتحدة في ميزان السياسة العالمية. وكمثال لقوة الولايات المتحدة في العالم فان الصين مع أنها اكبر دول العالم نفوسا، الا انها لم تتمكن دخول هيئة الامم المتحدة لمعارضة الولايات المتحدة ذلك.والتوازن الدولي هو محاولة الدولة الممتازة ابقاء الاوضاع القائمة على وضعها القائم ومقاومة اي تغيير يكون مخالفا لمصالحها فمثلا عندما عملت روسيا قواعد صاروخية في كوبا وقفت الولايات المتحدة موقفا شديدا منها وضعت فيه العالم على حافة حرب رهيبة حتى ازالت روسيا قواعدها الصاروخية، وانما فعلت ذلك لان كوبا جزء من القارة الامريكية وفي مكان ملاصق للمياه الاقليمية للولايات المتحدة ووجود الصواريخ الروسية فيها تغيير للتوازن الدولي القائم في نظر الولايات المتحدة.

ومثال آخر: هو محاولة ديغول لتزعم دول اوربا الغربية ومقاومة الزعامة الامريكية فيها لمحاولة تغيير التوازن الدولي لصالح فرنسا. والتوازن الدولي مهما حاولت الدول صاحبة النفوذ والشأن من المحافظة عليه فانه دائم التبدل ولذا نرى على مسرح التاريخ دولا تعلو واخرى تهبط، فالدولة العثمانية كانت لعدة قرون هي الدولة الاولى في العالم ثم انهارت وتمزقت والنمسا كانت في وقت مادولة عظمى وهي الآن من صغريات الدول الاوربية ثم تلتها فرنسا النابلونية واعقبتها المانيا الهتلرية، وكانت بريطانيا بعدها حيث كانت مركز الثقل في عصبة الامم المتحدة قبل الحرب الثانية. هذه امثلة قريبة من التاريخ في الموقف الدولي وعن تبدله عند تبدل الميزان الدولي في العالم والباب في هذا المجال مفتوح لكل امة ناهضة صاحبة رسالة لتتبوء المركز الذي يليق بقوة ودهاء ومعرفة سياسييها وامكانياتها المادية الداخلية.

ثالثا: ومن صور الفكر السياسي الفكر الذي يتعلق بتفسير الحوادث السياسية داخل الامة وخارجها، وتفسير الحوادث تتداخل فيه كثير من الافكار السياسية ويحتاج الى نضج سياسي ودقة في النظر وتمييزلما هو خدعه ولما هو حقيقة ويحتاج الى سعة افق في النظر ولاسيما اذا كانت الاحداث صادرة أو مسيره من قبل دول ذات عراقة ودهاء وذات امكانيات مادية كبيرة. والدول الكبرى التي تؤثر في مجريات الامور في العالم انما تصبح كذلك لان ساستها ذوو مقدرة على فهم الاحداث التي تجري في العالم من قبل الاطراف الاخرى وان سوء الفهم أو سوء التقدير كثيرا ما يؤدي بالدولة صاحبة النفوذ الى الهاوية وبالتالي فان فهم الاحداث السياسية امر مهم جدا بالنسبة للسياسي وبدونه لا يمكن ان يكون سياسيا وعلى هذا تعتمد الحكومات والاحزاب في بناء علاقاتها مع الآخرين ويعتمد رقي الامة وانحطاطها دوليا على ما تقدمه من دراسات سياسية، فالامة التي تشارك هيئاتها واحزابها الحكومة في دراسة الاحداث هي امة راقية، ولقد كانت بريطانيا ارقى الامم في هذه الناحية، ولذا فانها تمتلك معلومات مفصلة عن اغلب مناطق العالم، ولكن الدول الاخرى زاحمتها الزعامة السياسية عن طريق السيطرة بالقوة. والفكر السياسي بعد ذلك ضرورة فكرية لكل داعية يأخذه من ثقافة الدعوة في الاساس وينميه بالدراسات الواسعة والمطالعات اليومية وتبادل الآراء مع الآخرين، والنضج السياسي عند الداعية كنضوج الفكر الاسلامي والتنظيمي سواء بسواء. ومن مستلزمات المرحلة الاولى في الدعوة التي هي مرحلة البناء والتكوين والتي سميناها بالمرحلة الفكرية التغييرية لانها تتميز ببناء الدعوة، وتكوينها وتتميز بالطابع الفكري بالغالب الاعم، وتتميز ببدء تغيير الامة الذي يبتدئ بتغيير افراد الدعوة، وذلك بعد ان كانت افكارهم مأخوذة من المجتمع ومتأثرة بمفاهيمه فانها تصبح فكرا موجها فاعلا في المجتمع وحيث يكون سلوكهم سلوكا متأثرا بالبيئة الخاصة والاعراف العامة فيصبح سلوكا اسلاميا جهاديا فعالا ومؤثرا وحكيما.

فالقصد اذن من اعطاء الفكر السياسي في هذه المرحلة تركيز فهم الدعاة في هذا الاتجاه ولاجل تهيئتهم للأعمال الخيرة القيادية المطلوبة منهم في المستقبل، وبطبيعة الحال لايمكن استعمال هذا الفكر كأداة كفاحية ضد الفئات الاخرى ليس من قبل الدعوة بما هي دعوة فحسب بل حتى من قبل الدعاة كأفراد، واستعمال الفكر السياسي كأداة كفاحية يؤدي الى نقل الدعوة الى المرحلة الثانية التي لم تتهيأ بعد للانتقال اليها.

ولا يعني هذا ان الدعوة في مرحلتها الاولى تهجر الكفاح نهائيا، لكن هناك اعمال لا بد من القيام بها في سبيل تطبيق المرحلة الاولى التي رسمتها الدعوة، كتهيئة الامة لتقبل الفكر الاسلامي وبث تعاليم الاسلام داخل صفوف الامة، والفات نظرها الى الحقائق الاسلامية لتلتف حول الاسلام وتعمل في سبيله وبهذا القدر نكتفي الآن في شرح الفكر السياسي.

واما المرحلة السياسية فهي المرحلة الثانية من مراحل سير الدعوة وسنشرح بايجاز هذه المرحلة كجزء من الطريق الذي تسير به الدعوة.

اولا: حقيقة المرحلة وهي ان يتحقق أمران:

  • أ. ان الدعوة قد انتهت من بناء نفسها من حيث الفكر ومن حيث التنظيم والضبط والعدد والقدرة على صراع العدو.

  • ب. ان الامة اصبحت مهيئة لتقبل الفكر والعمل الاسلامي وانها تحب الاسلام وتخلص له وهي في كثير من جهاتها تعيش الروح الاسلامية.

وهذان الامران في الحقيقة يسيران جنبا الى جنب فان الدعوة لاتقبل بأي حال من الاحوال أن تعيش منفصلة عن الأمة، واذن فان كل خطوة حسنة في داخل الدعوة لا بد ان تأثر أثرها خارج الدعوة واستكمال الناحية الفكرية في الدعوة يلازمه الوعي لدى الامة وانتشار المعارف الاسلامية بينها. والتنظيم والضبط في العمل يلازمه تأثر الامة بالدعوة وكل هذه العوامل تشكل حقيقة القوة الفاعلة لمصارعة اعداء الاسلام.

ثانيا: وصف الحالة في هذه المرحلة: ليست المرحلة السياسية الا امتدادا للمرحلة التغييرية اذ انه لا يمكن الفصل بين المرحلتين او بين جميع المراحل فصلا زمنيا بحيث تتبدل الاعمال والاساليب تبدلا فجائيا بين آخر يوم من ايام المرحلة الاولى وأول يوم من ايام المرحلة الثانية. ولكن الدعوة وهي سائرة نحو اهدافها لا بد لها ان تتكامل شوطا بعد شوط ومن التكامل الوعي السياسي الكامل الذي يخول الدعوة ان تتبنى تفسيرات معينة لكل حادثة سياسية في الوقت الذي تكاملت فيه الشروط من المعرفة الاسلامية ومن بلوغ القوة الكافية لتحمل الصراع فان الدعوة سوف تتوجه للحكام بمناقشة أفعالهم وطريقتهم السياسية من حيث الاصل ومن حيث التفريعات اي من حيث اتصال سلوكهم وسياساتهم بالقاعدة الاسلامية العامة للحكم وهي كون الاسلام عقيدة ونظاما هو الاساس لكل ما يتعلق بالحكم ومن حيث تفسير وترجمة كل ماتقوم به الحكومة للامة مما تريد به ايذاءها وضررها. ومن الواضح ان كون الدعوة انقلابية سوف تسعى لتغيير كثير من عادات المجتمع واعرافه ومن افكاره ومعنى هذا ان الدعوة سوف يقف أمامها مانعا من تقدمها كثير من اوساط الامة بمختلف طبقاتهم وان لم يكونوا حكاما اذن فستحصل للدعوة مصادمات مختلفة الانواع والكيفيات منها مصادمات فكرية عقائدية ومنها اجتماعية وسياسية فأما الحكومة فهي بالطبع لا توافق على شيء مما يتعارض ومصلحتها فضلا عن اصل مشروعيتها وهي ستقابل الدعوة بالقوة قبل كل شيء واما الامة فان فيها قوى منظمة وهي اخطر من بقية ردود الفعل في الامة خصوصا اذا كانت هذه القوى المنظمة تقودها احزاب معادية للاسلام ويقودها من وراء الستار الاستعمار، ولا بد للدعوة ان تعلن بشكل سافر عن افكارها وعما ينبغي وعما لا ينبغي مما يتصل بجعل المجتمع مجتمعا اسلاميا ويكون اعلى مستوى للتغيير الاجتماعي هو تغيير سلطان القانون وطريقة تطبيقه فينقلب من سلطان القانون الوضعي الى سلطان القانون الاسلامي واذن قان اقوى واعنف من يحارب الدعوة هم مطبقو القانون الوضعّي وأهل السيادة فيه، ان الدعوة عند بلوغ المرحلة الثانية سوف تعلن عن تسفيهها لاعمال الحكام ونقدها للقوانين الوضعية باسلوب قوي الايمان لا تردد فيه وهي بنفس الوقت تبقى متصلة بالامة تثقفها وتحثها حثا قويا وسريعا للعمل من اجل تغيير الكيانات غير الاسلامية سواء كانت كيانات تعتمد على قوى داخلية أو خارجية أو كانت كيانات هزيلة تسقط باول ضربة وسوف تظهر محاولات من قبل الفئة الحاكمة تحاول فيها ان تزج الدعوة الى معركة مادية عنيفة بشتى الوسائل، بان تفتعل بعض القضايا تحاول ان تجر الدعوة للكشف عن كل قواها في مصارعتها للسلطة في حالة الخصام حول تلك القضايا السياسية المفتعلة ولما كانت الدعوة لا تزال اضعف من السلطة فانها تستطيع القضاء عليها بسهولة كما يحصل ذلك في باكستان للجماعة الاسلامية وفي مصر للاخوان المسلمين ولكن لما كانت الدعوة هي التي تسيطر على اعمالها ولايمكن ان تنزلق للشباك التي يصنعها امامها اعداؤها فهي بعون الله سوف لن تنخدع بخطط واساليب المستعمر ووجوهه.

ثالثا: ولأجل توضيح المراحل في سير الدعوة نضرب مثلا قول الرسول ﷺ:

”من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان“

ان هذا الحديث الشريف يصور لنا طبيعة العمل وكيفية السلوك حسب ما تقتضيه الظروف والاحوال، ولاشك ان الحديث ناظر الى المسألة باعتبارها أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر فهو اذا نظر اصلاحي لا جذري ولذا كانت النظرة الى الافراد وليست الى المجتمع وعلى هذا فان الحديث ليس مطابقا تماما لما نحن فيه ولكننا نستطيع ان نستكشف منه طبيعة العمل الاجتماعي فالحديث الشريف يصور مقدار القوة والضعف في عملية تغيير المنكر فان اهل المنكر ان كانوا اقوى من مغيرهم وجب على المغير ان يسلك طريقا ليحصل على القوة (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده) وان هذا المغير وجد نفسه اضعف من فاعل المنكر حينئذ سوف يتعين عليه الوعظ والارشاد حتى يستطيع ان يسيطر على عقل فاعل المنكر واذن فسيكون هذا المغير اقوى من الفاعل لانه انضمت اليه قوة جديدة…وهكذا تكون الوضعية لمن لا يستطيع ان يغير الابقلبه اذن مراحل تغيير المنكر ثلاثة تتفاعل مع عمل الدعاة في المجتمع، وقد تكون هناك صلة بينهما اذا نظرنا الى الامر من زاوية عدم تغير المنكر العظيم الذي نعيش فيه تحت ظلال احكام الكفر بأعمال فردية فلابد من وجود جماعة كافية تتظافر جهودها لتغير المنكر العظيم باتباع تخطيط تغيير المنكر المرحلي الذي رسمه الحديث الشريف وهو ماتسعى اليه الدعوة في عملها.

أيها الدعاة المؤمنون لا شك اننا في حالة تغير جذري بعيد الاثر للمجتمع الذي نعيش فيه ولا شك أننا نحتاج لقوة كافية حتى نستطيع ان نبلغ غاياتنا الا وهي تحقيق الدولة، واذن مادمنا نعمل سوف نحصل على قوة اضافية كافية الى ماعندنا وبنفس الوقت الذي تتسع فيه رقعة دائرة العمل في نفس الوقت الذي تزداد فيه عنف ردود الفعل من قبل الجهات التي تعاكسنا في سيرنا أو تجافينا أيها الدعاة انه ينبغي ان يكون واضحا اننا الآن نعيش في المرحلة الاولى وانه ينبغي ان يكون واضحا انه لايجوز لنا الانتقال لاننا لا نستطيع ذلك تعمقوا في الفكرة وقلبوا الأمر على وجوهه لئلا نقع في اخطاء ربما تكون غير عادية كما ينبغي ان نعرف ان الانتقال هو ملك الدعوة نفسها، لان الدعوة هي التي تعرف امكانياتها الحقيقية وتعرف المحيط الذي تعيش فيه فهي التي تقرر الانتقال ولا ينبغي ان يفرض عليها من الخارج مهما تغيرت الظروف والأحوال الخارجية.. أيها الدعاة..يجب ان نفكر في القضايا التنظيمية والقضايا السياسية وأحوال المجتمع فان الانتقال الى المرحلة الاخرى منوط بانتهاء الدعوة من بناء نفسها فكريا وتنظيميا ومنوط بتهيؤ الأمة لاحتضان العمل الاسلامي..

أيها الدعاة.. ان بامكان الدعوة الآن ان تقوم بأعمال كبيرة فيمكنها ان تفتعل ضجة سياسية كبيرة وأعمال سياسية ترفعنا الى مستوى الحكام في الدولة ولكن هل هذا صحيح؟ الجواب لا.. وذلك اننا نريد بعون الله ولطفه ان نحقق المجتمع الاسلامي الصحيح ويجب ان نسلك نحو ذلك السلوك المستقيم. وتحقيق المجتمع الاسلامي يحتاج الى مقدمات كبيرة نعلمها ونعرفها جميعا ولكن لم نستكملها الآن فنحن لانستطيع الانتقال الى مرحلة جديدة الا بعد أن تستوفي المرحلة الحاضرة شرائطها.

وخلاصة القول ان الفكر السياسي معرفة والمرحلة السياسية معركة وأعمال الدعوة التي تقوم بها في مختلف المراحل لاتختلف من ناحية الاهداف وانما تختلف من ناحية الشكل وذلك لاختلاف القدرة والقابلية الحقيقية وعليه فالأعمال بمختلف اشكالها كامنة في الدعوة ولا تظهر الا عندما تمتلك امكانيات اظهارها وبالمقدار المناسب للظرف.