دعهم يعملون
ملاحظة: ”الدعوة الاسلامية“ هو اسم النشرة المركزية للدعوة منذ تاسيسها حتى صدور ”صوت الدعوة“ عام ١٩٦٣م وقد صدر من نشرة الدعوة الاسلامية عشرة أعداد فحسب.
من الاسس الواضحة لدى دعوتنا، اعتبار الاحزاب الاسلامية العاملة من اجل سيادة الاسلام واعادته الى تنظيم جميع شؤون الحياة، اجزاء للحركة الاسلامية الكبرى التي تسير قدما الى الامام في جميع انحاء البلاد الاسلامية، عدا البلاد الواقعة تحت الحكم الشيوعي، فأن اجزاء الحركة الاسلامية يجب ان يسودها التعارف اولا، والتعاون بالعمل ثانيا، لكي لا يتناقض التأثير الاسلامي، ويتصادم بعضه مع البعض.
ومن الواضح ان التعارف والتعاون هذا لا يؤثر باختلاف الاحكام الشرعية المتنباة ولا يتأثر به، فان الاختلاف بالاحكام الشرعية باستنباطها يجيزه الشرع، فان المجتهد ان اخطأ له اجر واحد وان اصاب له اجران. والاحكام المتبناة من قبل الاحزاب الاسلامية المفروض فيها انها مستنبطة من قبل مجتهديها، والاّ لما اصبحت احكاما شرعية، وكذلك لا يؤثر باختلاف الافكار والاعمال التنظيمية والآراء السياسية، ولا يتأثر بها.
وعلى هذا الاساس فلا يجوز الاصطدام بالقول او بالفعل بأي داعية اسلامي، من اي حزب اسلامي كان، وان كان سبب التصادم هو ذلك الداعية، فان تلافي التصادم يجب ان يكون بالتي هي احسن، لأن التصادم يورث العصبية، ويورث التباعد والشقاق. وهذه الاشياء منهيّ عنها بين المسلمين.
ان دعوتنا تقول هذا مؤكدة، لأن كثيرا مايقع النقاش الفكري احيانا، والنقاش التعصبي احيانا اخرى، مع دعاة آخرين للاسلام. فأما النقاش الفكري الهادئ المقصود منه التعارف والتعاون، فمن اوجب الواجبات. واما النقاش التعصبي فمن الاعمال التي لا ترتضيها الدعوة بأي حال من الاحوال، وعلى الدعاة ان يلتزموا باجتنابه اشد الالتزام.
وعلى ما ذكرناه، فان ناحية هامة تجدر الاشارة اليها، وهي ان الاحزاب الاسلامية بصورة عامة لا تزال ضعيفة التأثير في الامة لأسباب كثيرة، لا مجال لذكرها الآن. والامة بدورها تحس بوجود الحركة الاسلامية احساسا ضعيفا لم يؤد الى عملية فكرية عندها، اي ان الامة لا تشعر بنشاط الاحزاب الاسلامية، ولا تتبع اعمالها، وان الانتقال من هذه المرحلة الى مرحلة اخرى تكون فيها الامة متحسسة بالحركة الاسلامية، يجب ان يتم والدعوات الاسلامية غير متنافرة فيما بينها على الاقل، ان لم تكن متعاونة ومتكاتفة. وهذا الكلام لا يشمل الاحزاب والتجمعات المفتعلة التي يفتعلها الاستعمار وعملاؤه للوقوف امام الحركة الاسلامية لالهاء عامة الناس لكي لا يلتفوا وينقادوا الى الاتجاه الاسلامي الحقيقي لا سيما وانه ليست هناك منافسة مصلحية بين الاحزاب الاسلامية، لأن القصد النهائي هو قصد واحد وهو رضوان الله تعالى بتطبيق اوامره ونواهيه.
وتعدد الاحزاب الاسلامية كانت نتيجة لأختلاف الفهم لتحقيق هذا القصد الواحد باقصر وقت، وبأقل الخسائر. وحتما ستصل الى الهدف النهائي دعوة من الدعوات ان شاء الله، و عندها يتحتم على بقية الاحزاب التي تعمل، حقيقة، للاسلام ان تنضوي تحت لواء الدعوة السائرة نحو الهدف بخط مستقيم عندما يتضح لدى بقية الاحزاب.
ان دعوتنا بامكاناتها الكافية والكامنة والتي ستظهر بالتدريج وباستمرار حتى الكفاية، والتي ستمكنها من شق طريقها الشائك الطويل بنجاح ستقود الامة بحول الله وقوته الى النصر الكبير، وسيكون دعاة المسلمين في الاحزاب الاخرى عونا لنا في قيادة الامة، لأنهم اقدر الناس على ذلك: فلاينقصهم الاخلاص لله، ويدركون الاسلام خيرا من غيرهم، وتمرسوا على الاعمال التنظيمية في حياتهم الحزبية ولذا يجب علينا ان نبني علاقاتنا الحسنة معهم منذ الان حتى يلبوا نداءنا الجهادي في اوقاته المناسبة والله تعالى هو الموفق.