الطريق محفوف بالاعداء

نشرت في "صوت الدعوة" العدد السادس ربيع الثاني ١٣٨٤ هجري

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اكمل الغربيون الاجهاز على قوى المسلمين وتولوا امور المسلمين جميعا في شتى انحاء الارض مباشرة أو بالواسطة مقاسمة فيما بينهم وازاحوا ظل التشريع الاسلامي الذي كان وجوده مهلهلا في بلاد المسلمين في ماعدا الافغان وايران واليمن والسعودية وسوى بعض الاحكام التي سميت بقانون الاحوال الشخصية والتي لم يكن بالامكان الغاؤها في ذلك الوقت وجميع هذه البقايا تركت الى الزمن لالغائها بالتدريج فلم تكن ذات خطورة على وجود المستعمر لان الحكام كانوا يباشرون السلطة تحت اشرافه المباشر وبالفعل فقد اهملت المادة الدستورية في الدستور الايراني التي توجب عرض القوانين على المجتهدين لاقرارها قبل التنفيذ، وادخل التقنين الغربي الى بلاد الافغان ودول الجزيرة العربية والغيت أو عدلت قوانين الاحوال الشخصية في لبنان وتونس والعربية المتحدة والعراق وكثير غير هذه البلاد وستلغى البقية الباقية بالتدريج. لقد توصل الكافر الى هذه النتائج بعد جهود دامت اكثر من قرن من الزمن ونجح فيما اراد نجاحاً باهرا وكانت الخطة في اماتة خطر الاسلام عليه لان المستعمر كان يعلم ان الاسلام هو الخطر الحقيقي الوحيد فماذا فعل؟

قبل الاحتلال العسكري غزا البلاد فكريا وبعد الاحتلال غير طريقة التشريع الى طريقة غربية واغرق البلاد بموجات متلاحقة من الافكار الغربية المادية وحطم بالتدريج الاعراف والتقاليد التي لاتلائمه واستولى على عقول الناس بشتى الاساليب واصبح المسلمون وخاصة المتعلمون منهم في المدارس يتنكرون للاسلام وتعاليمه بعد ان منعت عن الناس مصادر المعرفة الاسلامية في المدارس ووسائل الاعلام الواسعة الانتشار بل بالعكس فتحت المجالات لتشويه الفكر الاسلامي وتعاليمه وتاريخه وبذلك ضاع المسلمون في تيارهم لايعرفون انهم يسيرون من قبل اعدائهم الى الهاوية في الدنيا والاخرة.

ولم يكتف الكافر بهذا القدر بل اوجد تيارات فكرية سياسية وخلق شعارات سياسية مصحوبة بدعايات مضللة ليتمسك بها المسلمون وتصبح هدفا لهم يعملون على تحقيقها فتكون الحضارة الغربية المثل الاعلى وترك الاسلام وراء ظهور المسلمين فتشكلت نتيجة لهذه المؤامرة الخبيثة في بلاد المسلمين الاحزاب والمنظمات السياسية بوحي منه ومساعدة نصارى بلاد المسلمين في اول الامر تحت اشراف الارساليات التبشيرية ثم تسلم زمامها ابناء المسلمين المغرر بهم وذهب جيل واتى جيل آخر يعيش في هذه الاجواء الحضارية المادية وتمسك بها فاطمأن الكافر وترك مباشرته في الحكم وسلمها الى الجيل الذي رباه والامين على ما خلفه له العدو الكافر فحرص الوكلاء على مبادئ الكفر اكثر من الاصل وصار الاسلام يواجه العداء من ابنائه بعد ان كان يواجه الاعداء وانصبغت بلاد المسلمين بصبغة الكفر صراحة وعلانية ولم يكتف الكافر بهذا القدر بل منع كل عمل ينبعث منه رائحة عودة الاسلام فهو وان كان اطمأن الى وكلائه في تمشية الامور الا انه في قضية عودة الاسلام يباشر الاشراف الحقيقي بتنبيه الوكلاء دائما الى وجود هذا الخطر وليس بعيدا عن ذاكرتنا ضرب الحركة الاسلامية في البلاد العربية والباكستان واندونيسيا وايران ومن الغريب ان بلاد الكفر على كثرة خلافاتها مع بعضها البعض فانها تتفق في هذه النقطة بالذات. ولذا نرى كثيرا من المتدينين الذين يعملون في المجال السياسي يخشون اسم الاسلام لان ذلك سبب في اغلاق جميع الابواب في وجوههم وسبب في عزلهم ومحاربتهم ولذلك يلجأون الى الشعارات الوطنية والقومية في تمشية امورهم الاصلاحية.

واستساغ المسلمون هذه الاوضاع لغفلتهم وساهموا في مشاريع الكفر واحكامه وحركاته بلا اي انتباه الى مايفعلون فكثير منهم بل وممن يلتزم بالجانب العبادي مثلا يشترك في التشريع الوضعي ويشترك في تأسيس الجمعيات والاحزاب المؤسسة على احكام الكفر ومفاهيمه لان الاجواء العامة التي يتنفس فيها ويتغذى بها اي عمل اصبحت مصبوغة بالحضارة المادية الغربية وكل محاولة لاتنسجم مع هذه الحضارة تصبح عملية شاقة وصعبة ولا سيما وان ولاة الامور واسياد هؤلاء الحكام حماة لهذه الحضارة يقفون بالمرصاد لكل من يتعرض لها بسوء ويستعملون جميع وسائل الشدة والقمع في محاربتهم لاعداء حضارتهم ومن هنا توجهت المسؤوليات الكبرى للمجاهدين لانهم يواجهون قوى الكفر جميعها بالاضافة الى مواجهة حقد وصلافة ابناء المسلمين من تلاميذ الكفر واعوانه ومن هنا اتت ضرورة الدقة في التنظيم لئلا تحدث فجوات في الدعوة ويتسرب من خلالها الكافر ليهدم الصرح ومن هنا اتت ضرورة السرية في العمل للحفاظ عليه من القتل ومن هنا اتت اهمية ايقاظ الامة لتواجه بنفسها ومعها اجهزة الدعوة لمقابلة اجهزة الكافر الجبارة لان الدعوة اذا انعزلت عن الامة لا تتمكن الاتيان باي عمل جدي وحقيقي.

فالى العمل الى العمل

والى الامة الى الامة

والحذر كل الحذر

يا انصارالله وانصار الاسلام إِن تَنصُرُ‌وا اللَّـهَ يَنصُرْ‌كُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿٧﴾