كسب الافراد
وَادْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ ۖ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ﴿٦٧﴾
في خضم هذا المعترك الفكري المتلاطم، وفي مزدحم هذه الاجواء السياسية الصاخبة، وفي مهاب هذه الرياح الهاوية، وهذه العواصف الكاسحة، بين تيارات الكفر والالحاد، وبين زوابع القوميات والوطنيات وبين ملتويات ودسائس الاستعمار الكافر المباشر وغير المباشر الفكري وغير الفكري يعيش الانسان المسلم وهو خلو من العقيدة الحيه، ويحيا وهو فارغ من ثقافة الاسلام ومفاهيمه وافكاره النقية الاصيله، لتملأ ذهنيته بما تتطلب سياسة المستعمر الكافر من سموم وصديد وبما تقتضي اهداف المستعمر والمباديء والفلسفات والنظم المعادية والمناقضة للاسلام، الاسلام في واقعه العظيم بنقائه ـ والعظيم بصفائه، الاسلام الملائم لفطرة الانسان والموائم لطبيعته. وتفرغ ذهنيته حسبما تتطلب تلك السياسة وحسبما تقتضيه هذه الاهداف من تلك الافكار والاتجاهات لتملأ بغيرها وتفرّغ لتملأ.
وهكذا يتقلب في الوان والوان من هذا التحويل والتبديل في الفكر وفي النظرة الى الكون والحياة والانسان وفي الاتجاه المتغير. ويعيش المسلم اليوم في امثال هذه الوضعية ويحيا في امثال هذه الحالة وما نتائج هذه الحياة..
ان من الطبيعي ايها الدعاة الواعون ان تجعل من ذهنية هذا المسلم ذهنية مبلبلة قلقة ومن حياته بصورة عامة حياة مضطربة وغير مستقرة كالدمية التي تتكيف في حركاتها وفق اليد المشيرة والمحركة لها، تظهر بمختلف الاشكال والوضعيات وشتى الالوان والهيئات.
هذه هي النتائج السيئة، وهذه هي مشاكلها المعقدة التي يحياها مسلم اليوم. وكل هذا نتيجة فراغ ذهنيته من ثقافة الاسلام ونتيجة ابتعاده عن حياة الاسلام. وعلى ضوء هذا فأن الداعية المسلم حين يواجه ابناء أمته المسلمين ليرفعهم الى قمم وقيم الاسلام السامية وليدفعهم الى كرامته الانسانية العالية يواجه افكارا مبلبلة، ويلاقي ذهنيات قلقة، ويرى شخصيات مضطربة وغير مستقرة. فمن الصعب والصعب جدا ان يستجيب امثال هؤلاء المسلمين للداعية بمجرد العرض الخاطف للدعوة والمرور السريع على هذه الذهنيات. لا بد من الوقفة الطويلة جدا. ولا بد من التأكيد والتأكيد الشديد. ولا بد من السير المنهجي المبرمج في شكل العرض والدعوة.
ومن الخطوات الاولية في دعوة المسلمين وفي تغيير ذهنياتهم هذه وهم يعيشون هذه الحياة المضطربة الفاسدة مايلي:
-
اثارة الشعور بضرورة القيام بالمسؤولية الاجتماعية.
-
تحسيسه بانحطاط وتردي الواقع الفردي والواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه.
-
دفعه الى العمل واداء المسؤولية الاجتماعية لاصلاح النواحي الفردية والاجتماعية.
-
افهامه ان العمل يجب ان يكون وفق خطط مدروسة تهدف الى تحقيق السعادة.
-
افهامه ان العمل يجب ان يكون من اجل تطبيق النظام الاصلح.
-
افهامه بأن الاسلام هوالنظام الاصلح وذلك بشرح بعض النظم الاسلامية نظريا كالتزام الدولة باعالة من لا معيل له ولا يقوى على العمل والزام الدولة بتهيئة فرص الانتاج ومجالات العمل وباعداد كل ما يوفر الحياة الطيبة للفرد والمجتمع بذكر بعض النصوص في ذلك كما في عهد الامام علي عليه السلام لمالك الاشتر رضي الله تعالى عنه.
وتطبيقا بذكر بعض الامثلة التاريخية مثل ان الزكاة حينما جبيت لأول مرة في اليمن ايام النبي ﷺ لم يبق اي فقير فيها وهكذا…
-
افهامه بأن النظم غير الاسلامية فاشلة بالامثلة التاريخية ولفت نظره الى الواقع المعاش وتصوير مشاكله الراهنة وعجز النظم الوضعية عن حلها ثم عرض الحلول الاسلامية لذلك.
-
مراقبته وحثه وتأكيده على العمل من اجل اصلاح المجتمع بدعوته الى تطبيق الاسلام.
-
الايحاء اليه بأن عمله كان موفقاً فليكثر منه, ولينطلق الى ما هو اوسع واكثر فائدة.
-
مشاركته الوجدانية بأفراحه وآلامه في انطباعاته عن المجتمع والاسلام.
-
التأكيد عليه في وجوب كون مقياسه العملي هو رضا الله.
-
دفعه تدريجا الى النمو من مرحلة الى اسمى فدور النضج العاطفي المشبوب والحماسة الدينية من اجل الاصلاح على هدى الاسلام.
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ
ملاحظة: هذه النقاط غالبية وليست كلية.
والحمد لله رب العالمين