الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلاد العربية

صدر في جمادي الاولى ١٤٠٠ هجري

الموقع واهم الثروات:

تحتل البلاد العربية موقعا وسيطا بين القارات: افريقيا وآسيا واوربا.

ومن خلالها تجري الممرات المائية التي تربط القارات وتقلل المسافات، فالبحر الاحمر والبحر الابيض المتوسط ومضيق جبل طارق وقناة السويس والخليج كلها مواقع ذات اهمية قصوى في التجارة العالمية ولها اهمية حربية كبيرة. وهي مناطق عربية جزئيا أو كليا. ومن خلالها تعبر الخطوط الجوية بين القارات الثلاث.

اثناء الحرب العالمية الثانية كتب لويس مرتشلينغ في بحثه استراتيجية الحلفاء في الشرق الادنى في مجلة التقارير السياسية الخارجية في ١٩٤٢/٢/١:

”ان منطقة الشرق الادنى التي تقع جنوب الجبهة الروسية الطويلة وشرقي ساحات المعارك الصحراوية في ليبيا وغربي منطقة الصراع الشاسعة في القسم الجنوبي الشرقي في آسيا تحتل اليوم مركزا رئيسيا في الاستراتيجية العالمية فأن طرق النقل تخترقها برا وبحرا، مما يوفر نقل الجيوش والمعدات من جبهة لاخرى كما تخترقها ايضا طرق المواصلات التي تضمن تنسيق العمليات المختلفة لجيوش الحلفاء ولذا فأن منطقة الشرق الادنى تعتبر حجر الزاوية في خطط الحلفاء الدفاعية“.

وكتبت جريدة التايمز اللندنية في ١٩٤٣/١١/٢٤:

”ان مجرى الحرب بأكمله قد أظهر لنا بوضوح اهمية الشرق الاوسط بالنسبة الى المصالح البريطانية. وفضلا عن هذا فأننا قد تعلمنا ان بلدان المشرق ولاسيما لبنان من اعظم المناطق حيوية واهميتها بالنسبة لنا لاتقتصر على كونها مناطق تقع على خطوط مواصلاتنا الى الشرق. ولكن اصبح من الواضح جدا انه لو تركزت قوة جديدة كبيرة لاعدائنا من قاذفات قنابل في الجبال الواقعة بين سلسلتي جبال لبنان الغربية منها، والشرقية مع جميع امكانيات تحصينها تحصينا قويا تستطيع السيطرة فورا على قناة السويس وعلى حقول البترول في كركوك وخطوط الانابيب“.

ان الموقع الاستراتيجي وحده كاف لاعطاء اهمية عالمية كبيرة للبلاد العربية. ولكن البلاد العربية فضلا عن ذلك تمتلك من الامكانيات المادية الشيء الكثير والثروات الطبيعية من معدنية واراض زراعية شاسعة ومياه كثيرة وبقعة جغرافية واسعة.. كلها تعطي للبلاد العربية وزنا سياسيا عظيما في ما اذا كان هناك وضع سياسي صحيح.

فالبلاد العربية كانت تمثل وزنا حضاريا ثقيلا في تاريخ البشرية القديم والاوسط. ويمكن ان تمثل هذا الوزن الحضاري اليوم فيما اذا تغيرت الاوضاع عن وضعها الحالي.