تأخر النشرة عن الصدور
تصدر نشراتنا بفترات متباعدة خلافا للمألوف في عالم النشرات أو خلافا للمطلوب. ولو ان صدور النشرة كان عنوانا لنشاط الدعوة لكان من الواضح ان الدعوة شبه غائبة. ولكن ولله الحمد لم يكن الامر كذلك. ولن يكون في الدعوة مظهر واحد يدل على جميع اعمال الدعوة. وانما الذي يكون ان المظهر الواحد للشيء يكون علامة على ذلك الشيء نفسه.
النشرة هذه التي امامك اذا قارنتها بمثيلاتها مما هو موجود في عالمنا الاسلامي لاحظت فقرا في جهة وغنى في جهة اخرى. تفتقر نشرتنا الى جودة الطباعة والى انتظام الاستمرارية وربما تفتقر حتى الى المظهر الخارجي.
ولكن لا توجد نشرة اخرى بمستواها من حيث الفكر والمحتوى بل ربما يشاهد في بعض النشرات سطحية وغوغائية.
ان ضعف المستوى المالي أمر نقره على انفسنا ونرجو ان يغنينا الله من فضله. وهذه مسألة ترتبط بجميع مظاهر الحياة التي تعيشها الحركة الاسلامية. ومن البديهي ان حياة الخمول التي ورثناها تؤثر على سرعة الاستجابة لمتطلبات العمل في حياة اليوم.. لمتطلبات عمل تغييري داخل صفوف الملايين.
ذلك الامر الذي نشاهده في كثير من قطاعات العمل والنشاط ومنه اصدار النشرة وكل نقص يعالج اذا روعي فيه شروط العلاج. كما انه ليس من الصحيح مقارنة الحالة المظهرية للدعوة بمظاهر حركات تستعين بالمال الحرام ـ في حكم الشرع ـ لحرف الامة عما ينبغي لها ان تكون.
تلك الحركات التي تندفع الى اعلى بمظهر خلاب ثم لاتلبث ان تنطمس في القعر وكأن لم تكن شيئا مذكورا.
نشرتنا تمادت في التأخير الى حد غير مقبول. بحيث اثار السخط وانتشر الهمس والنقد حول هذا الموضوع بصورة واسعة بين الدعاة ولم يبق ساكتا الا من ماتت الهمّه في نفسه وخمدت شعلة الدعوة فيها.
قلنا ان ضعف الامكانيات المادية هو سبب رئيسي في تأخر صدور النشرة فالمال له اهمية كبرى في مجالات العمل. ولاداعي للخوض بالتفاصيل. فالمهم ان يعرف الدعاة ان تبرعاتهم هي الممول الوحيد للعمل حتى الآن والى أمد غير منظور.. الى ان تحتضن الأمة الدعوة وتمولها بما تحتاج من مال وأبطال.
وقد كان رد الفعل عند الدعاة على الأعم تساؤلا واحتجاجا وتذمرا من هذا التأخير المتكرر. ولرد الفعل هذا مظاهر حسنة كما قلنا. فهو اهتمام ومتابعة بل دليل الحيوية لدى الداعية. ويمكن القول بأن مظاهر رد الفعل تكون على نحوين عند الدعاة:
الاول: ان يثير هذا التقصير في عمل من اعمال الدعوة التفكير في نفس الداعية حول اعمال الدعوة: ماهي الطاقات البشرية والمالية التي يجب ان تتوفر لعمل الدعوة. توفير الوقت. المزيد من التضحية. كما يثير هذا التقصير التفتيش عنه وعن النقص لاجل ان يشارك في العلاج. وهذا النحو من انحاء ردود الفعل هو ما يبغي الداعية به وجه الله تعالى.
اما النحو الثاني: فهو ان يثير التقصير في عمل من اعمال الدعوة في نفس الداعية كوامن السخط عليها فيعلن الداعية عن عدم رضاه ويجعل هذا التقصير أو القصور سببا لذكر اخطاء الدعوة. سواء كانت حقيقية أو متصورة. وهذا السلوك سلبي ازاء الدعوة وهو سلوك غير مرض عندها.
ان الدعوة لا تعتبر الداعية داعية الا اذا اعتبر نفسه حاملا لرسالة مقدسة مع اخوانه ويتعاون معهم ويلتزم بما يلتزمون به فهو يصحح اخطاء نفسه قبل ان يحاسب الآخرين وهو يتكلم عن المواضيع التي يريد الكلام عنها داخل النطاق المرسوم في التنظيم. واما ان يقف على التل ليرى العيوب عيوب المجموع والافراد ويثبط العزائم بالثرثرة الفارغة فهذا ابتلاء تبتلى به الدعوات ونسأل الله التوفيق.
ولابد من القول اخيرا: ان كلّ قضية من قضايا الدعوة وبكل المستويات اذا وجد فيها نقص أو خطأ أو خلل فأن علاجها يرتكز على اهتمام الدعوة بها..واهتمام الدعاة بتأخر النشرة كفيل بعلاج هذا النقص.