العمل الحزبي

صدر في عام ١٣٩٦ هجري

مقدمة

اعتمدت الدعوة اسلوبا جديدا في بعض النشرات المركزية وهو فهرسة بعض الموضوعات ملحقة بموضوع مكتوب وطلب الكتابة فيها من قبل الدعاة او من قبل من يؤثرون عليه من الكتاب فقد ينجز الداعية العمل المطلوب بشكل عام بنفسه مباشرة او بواسطة غيره. ومرد طلب الكتابة في الموضوعات امور:

  • اولها: ان النمو الفكري لدى كثير من الدعاة ازداد الى حد ان الداعية اصبح يتمكن ان يشع بفكره على الآخرين. وما لم يفسح المجال لمفكري الدعوة من المجاهدين والواعين لانتاج الفكر الحي المؤثر فان من المحتمل ان تتجه بعض هذه الطاقات الى التفكير بقضايا غير حيوية تتعطل من جرائها طاقات نحن احوج ما نكون اليها. ان المؤلفات التي ظهرت لبعض الدعاة ومن تأثر بالدعوة أدّت خدمة نافعة وكان ولا يزال لبعضها وجود بارز بين الكتب في السوق وفي الاوساط التي تهتم بالكتاب.

  • ثانيها: ان بعض المفكرين من الدعاة لم يتعودوا على الكتابة للدعوة وسوف يمارسون الكتابة بعد اطلاعهم على طلب الدعوة وبذلك يزداد عدد المفكرين الاسلاميين الذين يشعون بفكرهم على الآخرين.

  • ثالثها: ان العلاقات بين الدعوة وكثير من الكتـَّاب والمؤلفين ممن لهم علاقات بالدعوة او ممن لهم علاقات شخصية بالدعاة تسمح بالتأثير عليهم وتوجيههم نحو الكتابة المفيدة للدعوة والامة والتي تعطي هؤلاء الكتـَّاب السمعة الجيدة في المحيط الذي يعيشون فيه ويألفونه.

  • رابعها: ان هذا السيل من التأليف الذي يملأ السوق في البلاد الاسلامية من فكر غربي رأسمالي يصور طراز الحياة الغربية ويعرضها بشكل دعائي وبأثمان تتيح للناس اقتناءه ومن فكر اشتراكي وشيوعي، ومن فكر تنظيمي يعرض ما في عالم اليوم من تيارات سياسية وحزبية، ومن فكر مادي يصور مختلف التيارات الفلسفية، ومن كلام رخيص يصور الحياة الفاسقة الفاجرة ويعرضها عرضا اباحيا عاريا او شبه اباحي ـ ان هذا السيل من الكتب ـ يجب ان يواجه بفكر موجه وملتزم وفاعل لكي يتنبه العاملون من ابناء الامة الى الهوة السحيقة التي توجه امتنا الاسلامية نحوها، ولكي يرى الغافلون ان هناك طريقا في عالم اليوم غير طريق الغي.

  • خامسها: في هذه الفترة الزمنية من حياة دعوتنا المباركة نأمل ان نقوم بمحاولات لاظهار تيار فكري اسلامي في بعض اقاليم بلاد المسلمين التي تعمل فيها الدعوة الاسلامية عندما يتيسر ذلك. واظهار التيار الفكري يقتضي وجود مجموعات مختلفة من الكتابات الاسلامية او الكتابات السياسية والتنظيمية المكتوبة بوجهة نظر اسلامية.

ولاجل ان تكون المواضيع مكتوبة بشكل حي ومؤثر ينبغي ان تؤخذ بالاعتبار الملاحظات التالية:

  1. ان تكون المواضيع غير بعيدة عما تتحسس به الامة وقريبة من الذوق العام. وان اختيار الموضوع يرتبط بالظرف المكاني والزماني ويرتبط بأحاسيس الرأي العام، فقد يكون موضوع له جاذبية في اقليم ولا يكون كذلك في اقليم آخر، وقد يكون له وقع كبيرفي اقليم اليوم ولم يكن كذلك بالامس. ان اختيار الموضوع له اهمية خاصة وان ما تعرضه الدعوة من مواضيع يكون لها او لاكثرها جاذبية خاصة في اوساط الدعوة واوساط الامة.

  2. ان لا تكون المواضيع افتراضية بل تكون مفيدة في الحياة العملية للدعوة والامة. وان المواضيع المستقبلية لا تعتبر مواضيع افتراضية لانها خط نسير عليه ونظرة تخطيطية للمستقبل، فالفكر المرحلي مثلا ليس فكرا افتراضيا وانما هو خط عمل للحاضر والمستقبل.

    وكمثل للمواضيع الافتراضية ان يكلف مسؤول في الدعوة احد الدعاة ويقول له افترض نفسك مسؤولا عن كذا واكتب تقريرا عن الموضوع الفلاني انطلاقا من الافتراض، او يكتب احد الدعاة موضوعا سياسيا ليس له واقع عملي بل افتراض لاوضاع غير موجودة ويبني على الافتراض نتائج.

  3. ان لا تكون المواضيع التي يكتب فيها قد طرقها كتـَّاب كثيرون والحصول عليها ميسر من الكتب فان ذلك تكرار للجهد في عمل واحد. الا ان يكون في ذلك مصلحة معينة كأن يكون هناك خطأ مضر يسبب تشويها لفهم الموضوع.

ان كثيرا من المواضيع يمكن ان تجتبى من الافكار الحية التي كتبها كتـَّاب مسلمون حيث تكون منتشرة او ضائعة بين مجموعات الافكار الاخرى ويمكن ان تعرض عرضا جديدا وتنشر على شكل مختارات او أي شكل آخر.

وبالنسبة الى موضوعنا هذا يمكن ان يبحث الدعاة مواضيع كثيرة حول الاحزاب والفكر الحزبي، وسنعرض مجموعة من المواضيع التي يمكن ان يكتب الدعاة حولها فتستفيد من كتابتهم الدعوة والامة، مضافا الى ان الموضوع المكتوب نفسه هو عناوين مشروحة باتجاه معين ويمكن ان يكون مفتاحا لكتابة مواضيع مختلفة في نفس الاتجاه بتخصص اكثر وكذلك الامر بالنسبة الى كل المواضيع التي صدرت عن الدعوة منذ بدايتها والى الآن.

وهذه المواضيع المقترحة:

  • الحياة الحزبية في الدعوة الاسلامية الاولى.

  • الحياة الحزبية لأئمة المسلمين عليهم السلام.

  • دروس من الفكر التنظيمي للحركة العباسية.

  • دروس من الفكر التنظيمي للحركة الاسماعيلية.

  • دروس من دعوات الرسل في القرآن الكريم.

  • الصفات القيادية للانبياء كما صورها القرآن الكريم.

  • العقبات التي تصادف العمل الرسالي كما صورها القرآن الكريم.

  • صور تنظيمية من القرآن الكريم.

  • نمو الوعي الاسلامي في العالم الاسلامي.

  • نمو الوعي الاسلامي في كل اقليم من اقاليم الوطن (كل اقليم على حده).

  • تطور الحركة الاسلامية ككل في هذا القرن.

  • دور الاسلام في مكافحة الغزو الاستعماري وتنظيمات المسلمين في ذلك.

  • دروس من الحركات والثورات التي قادتها الاحزاب وتوصلت الى السلطة كالحركة الشيوعية في روسيا والصين وفيتنام.

  • النظام الحزبي في الحركة النازية والفاشية.

  • الحرب النفسية.

  • الاعلام الحزبي والشعارات الحزبية.

  • الرأي العام.

نظرة تاريخية في نشوء الاحزاب وتطورها

ان اقدم تنظيم حزبي لمبدأ كامل يملك افكارا لمعالجة حياة الناس اليومية وتنظيمها ويستوعب القضايا الفردية والاجتماعية وقضايا الدولة الداخلية والخارجية ويعمل من خلال التنظيم ليصل الى اهدافه، وقد سجل لنا التاريخ تفاصيل عمله وافكاره واهدافه، هو التنظيم الذي اقامه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للدعوة الاسلامية. وقد بدأ الرسول بتنظيمه من لبناته حتى وصل به الى دولة قوية تحكم الجزيرة وتستعد لمناهضة الدولتين الكبيرتين فارس والروم.

وكان من اهتمامات الرسول ﷺ الاولى ان تتسلم تنظيم الدعوة من بعده قيادة كفوءة تحفظ وحدة الرسالة والامة والدولة، وقد بذل من اجل هذا الغرض كل جهد ممكن ولكن الامة لم تكن بمستوى هذا الهدف الرسالي السامي فجرت عليها سنة الامم بعد انبيائها ووقع في تنظيمها الانقسام.

ولكن بالرغم من التكتلات والاحزاب والانقسامات التي وقعت في الامة فانها تبقى خير أمة اخرجت للناس برسالتها المحفوظة إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ‌ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾ وبأهل الحق الذين يحملونها في كل جيل

”الخير في امتي الى يوم القيامة“.

وهذا تعداد لأهم الاحزاب والتكتلات الاسلامية وامتدادها في تاريخ الامة:

  1. تكتل الانصار الذي طالب بالخلافة بعد رسول الله ﷺ وقد ضعف بمقتل سعد بن عبادة، ثم انتهى بانضمامه الى الحزب العلوي على يد قيس بن سعد بن عبادة.

  2. تكتل الامويين برئاسة ابي سفيان وقد قوي بتسلم عثمان للخلافة واصبح حزبا على يد معاوية ومروان وحكم الدولة الاسلامية حتى سنة ١٣٢ هجري ثم حكم الاندلس من سنة ١٣٨ الى سنة ٤٢٢ هجري وانتهى بعد ذلك.

  3. الحزب القرشي برئاسة ابي بكر حيث أسسه هو وعمر وابو عبيدة وسالم مولى حذيفة وضموا اليهم فيما بعد عثمانا. وقد تسلم السلطة بعد وفاة رسول الله ﷺ مباشرة الى سنة ٣٥ هجري.

  4. الحزب العباسي وهو امتداد للحزب القرشي بخطه العام في الفكر والفقه والسياسة تسلم الحكم سنة ١٣٢ هجري وبقي قويا الى خلافة المعتصم، ثم انحلت السلطة المركزية للدولة واصبح منصب الخليفة العباسي شكليا.

  5. الحزب العلوي (التشيع) وقد ظهر مع الحزب القرشي داعيا الى خلافة امير المؤمنين علي عليه السلام وقد تسلم السلطة لمدة قصيرة بعد عثمان ثم استمر كتيار فكري وسياسي على يد الائمة من اهل البيت عليهم السلام واتسع تأثيره في العالم الاسلامي وتفرعت عنه احزاب عديدة ولكن الائمة الاثني عشر عليهم السلام حرصوا على تميزه واستقلاله.

  6. الحزب الحسني وهو متفرع من الحزب العلوي وقد تحالف مع الحزب العباسي في الثورة على الحكم الاموي ثم اصطدم مع العباسيين في ثورات دموية واستطاع ان يقيم دولة الادارسة في المغرب من سنة ١٧٢ الى سنة ٣٧٥ هجري كما حكم الحسنيون مكة المكرمة فترات طويلة، ومن بقاياهم في العصور المتأخرة ملوك المغرب وملوك ليبيا السنوسيون وملوك الاردن والعراق الهاشميون وهم من حسنيي مكة.

  7. التكتل الزيدي وهو متفرع من الحزب العلوي وقد انحصر نشاطه بثورات ابناء زيد ضد الامويين ولم يتسلم السلطة الا في العصور المتأخرة في اليمن.

  8. تكتل عائشة وطلحة والزبير خرج على الامام علي ناكثا لبيعته وحاول ان يكون امتدادا للحزب القرشي وانهزم في معركة البصرة وتفرع منه تكتل الزبيريين بقيادة عبدالله بن الزبير وحكم الحجاز والعراق واليمن وخاض حروبا مع الامويين وانتهى بقتل عبدالله ابن الزبير في مكة سنة ٧٣ هجري.

  9. الحزب الاسماعيلي ويتميز بالدقة والتعقيد، وقد تفرع من الحزب العلوي حيث دعا مؤسسوه من بعد الامام جعفر الصادق عليه السلام الى امامة ولده اسماعيل بالرغم من وفاة اسماعيل في حياة والده.وقد قوي التنظيم بحركة القرامطة ودولتهم وامتد منها الى افريقيا واقام دولة الفاطميين من سنة ٢٨٦ الى سنة ٥٦٧ هجري وامتد نفوذهم الى الشام والحجاز واليمن. وبعد انتهاء حكم الفاطميين بقي للحزب الاسماعيلي اتباع في مصر وسوريا وتفرع عنه الدروز ثم جدد تنظيمه حسن الصباح وجعل قيادته في قلعة آلموت اقصى شمال ايران في اواخر القرن الخامس. ثم انتقلت قيادته وجمهرة اتباعه الى الهند بامامة الآغاخانية.

  10. حزب الخوارج، وقد نشأ من موقف جماعة ضد التحكيم في صفين سنة ٣٥ هجري وحاربه الامام علي عليه السلام في النهروان. ثم خاض مع الامويين والعباسيين حروبا دموية كثيرة وضعف، غير ان وجوده استمر حتى حكم مسقط وتوابعها ومناطق صغيرة من المغرب والجزائر. ومن بقاياه سلطنة عمان والاباضيون.

وفي مطلع القرن الرابع الهجري كانت التكتلات والاحزاب العاملة في الامة قد وصلت الى حد الاكتمال في عقائدها وخطها السياسي وجمهورها، ولم ينشأ بعد هذا التاريخ احزاب واتجاهات اخرى.

ان القرن الرابع هو مرحلة استقرار المد الفكري الاسلامي في انقسامات واحزاب استوعبت الامة واستمرت فيها، وكان على القوى العسكرية والاجيال الجديدة ان تتبنى او تنتمي الى واحد من الاحزاب الموجودة.

وأكثر الاحزاب والاتجاهات التي كتب لها الاستمرار والاتساع هو الحزب القرشي الذي امتد كما سبق بالحزب العباسي ثم تبناه الاتراك المماليك والسلاجقة والايوبيون والمماليك المصريون واخيرا العثمانيون، وانضم اليه بقايا الحزب الحسني والزيدي.

ويليه في الاستمرار والاتساع الحزب العلوي الاثنا عشري الذي تبناه الحمدانيون والبويهيون واخيرا الصفويون.

اما الاحزاب والاتجاهات الاخرى فهي ما بين منقرض او متمثل في فئة قليلة وطائفة صغيرة من الامة.

وعندما واجهت الامة الغزو الفكري والاستعماري كان كيانها السياسي متمثلا بالدولة العثمانية الواسعة والدولة الصفوية وكان رد فعل الدولة العثمانية على الغزو بطيئا ضعيفا بسبب الضعف الذي اصابها. اما رد الدولة الصفوية على الغزو الفكري فلا يكاد يحس بسبب ضعفها واستنزاف طاقتها بحروب مذهبية مع الدولة العثمانية. واما رد فعل الامة التي أصابها الجمود الفكري فقد تمثل بصيحات متعددة من قادة فكريين. وبعد انهيار الامة امام الغزو الفكري جاء دور الغزو العسكري وقد واجهته الدولتان والامة مواجهة ضارية ولكن عاجزة حتى انهار كيان الامة السياسي وتقاسمتها الدول الغازية. ودخلت الامة في دور السيطرة الاستعمارية الفكرية والعسكرية وهو هذا الدور الذي نعيش فيه والذي نرجو من الله عزوجل ان نكون قد بدأنا نجتاز مراحله الاخيرة. وفي هذا الدور تزايد التحسس الاسلامي واتخذ العمل الاسلامي اشكالا متعددة حتى انتهت الى نوعين من الاحزاب والفئات التغييرية والاصلاحية كما يأتي شرحه في فقرة تالية ان شاء الله.

وفي هذا الدور نشأت في البلاد الاسلامية بفعل الاستعمار او بتأثيره الفكري احزاب وتكتلات طابعها العام وتفاصيلها منقول نقلا عن الحياة الحزبية في اوروبا ومطبق تطبيقا مشوها كل التشويه كما يأتي شرحه في فقرة تالية ان شاء الله.

واما في اوروبا فقد ابتدأ العمل الحزبي على اشكال مختلفة: عصابات تتجمع حول احد القادة المرتزقة كما في ايطاليا ابان عصر النهضة ونواد سياسية حيث كان يجتمع نواب المجالس الثورية. ونواد شعبية او نواد فكرية تؤلفها تكتلات شعبية او فكرية كما في فرنسا. وقد تطورت هذه الاشكال فيما بعد الى احزاب هي في الاعم الاغلب التي نراها الآن في اوروبا الغربية، وانتشرت التنظيمات الحزبية في جميع اوروبا وامتدادها في العالم الجديد الذي هو اميركا واستراليا، واصبحت الاحزاب ذوات اجهزة معقدة ثم انتقلت الى الدول الاخرى المقلدة لاوروبا من افريقا وآسيا. واول تنظيمات حزبية على شكل حديث ظهرت في اميركا سنة ١٨٥٠ كأحزاب برلمانية هدفها الرئيسي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

والاحزاب الاوروبية في شكلها الحاضر وحسب تنظيماتها هي:

  1. احزاب محافظة وليبرالية نشأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وهي تعتمد على لجان مغلقة اوشبه مغلقة تجمع الشخصيات وتستقطبهاو تقوم بالنشاطات الانتخابية، وطابعها لامركزي وقياداتها برلمانية.

  2. احزاب اشتراكية تعتمد على الاحاطه بـأكبر عدد ممكن من الجماهير الشعبية، وفيها تنظيم دقيق للانتساب. وتعتمد في تنظيمها على طريقة الشُعَب حيث تتسع الشعبة لمن يريدالانتساب والتقيد بالالتزامات المالية والتنظيمية، وتقوم بنشاطات سياسية وثقافية اضافة الى النشاط الانتخابي. ولها مؤتمرات عامة ولجان وطنية ولجان استشارية ومكاتب وامانات. وتتبع نظامابين المركزية واللامركزية.

  3. احزاب شيوعية ابتدعت نمطا تنظيميا اكثر دقة وشمولا وتتميز بالمركزية ونظام العلاقات العمودية واثارة الصراع الطبقي. وتأخذ بنظام الخلايا المهنية ضمن هيكل تنظيمي يتبع انضباطا دقيقا.

  4. احزاب فاشية ذات نظام صارم وقيادة ذات سلطة واسعة واتباع ملتزمون بايمان الكنيسة وانضباطية الجيش. وتهتم هذه الاحزاب بالنخبة وتعير الدعاية اهمية خاصة، وتنشيء الميليشيات الخاصة وتثير الاضطرابات وتقوم بالنضال العلني للسيطرة على الشارع.

  5. احزاب كاثوليكية مسيحية تمثل اتجاها وسطابين الاحزاب المحافظة والاحزاب الاشتراكية.

  6. وهناك احزاب عمالية تعتمد على النقابات والتعاونيات العمالية واحزاب فلاحية تعتمد على التجمعات والتعاونيات الفلاحية.

وقد انتشرت هذه الاشكال الحزبية وخاصة الاشكال الاربعة الاولى في البلاد المستعمرة وشبه المستعمرة في آسيا وافريقيا، ولكن هناك فرقاً شاسعاً بين عمل حزبي نما وتطور في بيئة معينة وبين عمل حزبي يأخذ قوالب جاهزة، ففي ما عدا اليابان التي اخذت العمل الحزبي الاوروبي بتقليد متقن والصين التي اخذت العمل الحزبي الاوروبي باعتناق العقيدة يسود في العمل الحزبي التقليد الببغائي كما في العالم الاسلامي. وبسبب هذا التقليد الببغائي يحدث الانفصال الكامل بين الفكر الحزبي والارضية الحقيقية التي يعيش فيها الحزب لأن قيادته لاتنظر الى الواقع الذي تعيش فيه ولاتتمكن ان تنفلت من التقليد والنقل عن الفكر الاوروبي لحظة واحدة.

تقول احدى قيادات الاحزاب البارزة في العالم العربي عند استعراضها لتاريخ العمل الحزبي:

”حتى عام ١٨٥٠م لم يكن بلد من بلدان العالم يعرف وجود احزاب سياسية بالمعنى الحديث للكلمة“

وتنسى هذه القيادة التي تتغنى بأمجاد الامة العربية ان تنظر الى تاريخ العرب لتجد التنظيمات الحزبية الدقيقة التي لاتوازيها اكثر التنظيمات الحزبية الحديثة حتى في دقة التنظيم.

انواع الاحزاب

أ. تنقسم الاحزاب من حيث علاقتها بالمجتمع الى:

  1. احزاب تغييرية وهي الاحزاب التي تحمل عقيدة ينبثق عنها نظام يخالف النظام السائد في المجتمع وتعمل على تغيير الاسس التي يقوم عليها المجتمع تبعا لعقيدته او تبعا لما فرض عليه، كحزب الدعوة الاسلامية والاحزاب الاسلامية الاخرى التي تعمل على تغيير الواقع في العالم الاسلامي والعالم بالاسلام. ان المجتمعات المعاشة الآن اما ذات انظمة رأسمالية تنبثق عن عقيدة رأسمالية او انظمة اشتراكية تنبثق عن عقيدة شيوعية او انظمة ملفقة مفروضة فرضا لاتعتمد على عقيدة كما في العالم الاسلامي، والعمل الاسلامي لتطبيق الاسلام هو عمل تغييري في أي مكان من العالم لانه عمل لتغيير النظام السائد. ويتحول العمل الاسلامي الى عمل اصلاحي في أي مكان اذا طبق فيه نظام الاسلام.

    وقد تكون بعض الاحزاب الشيوعية في الوقت الحاضر احزابا تغييرية لكن الغالب في الاحزاب الشيوعية النوع الاصلاحي كما سيأتي.

  2. احزاب اصلاحية وهي الاحزاب التي تعمل لاصلاح جوانب المجتمع لأن الاسس التي يبنى عليها المجتمع والنظام الذي يطبق فيه تكون مما تعتقده هذه الاحزاب، وتعمل هذه الاحزاب على اصلاح بعض القوانين وملاحظة اساءة تطبيقها وملاحظة المساس بالعقيدة كالانحراف عنها ومخالفتها وما شابه ذلك. وامثلتها الحزب الشيوعي الصيني وحزب العمال البريطاني والحزب الديموقراطي الاميركي. والاحزاب الاشتراكية والشيوعية في اوروبا في القسم الاخير من القرن العشرين تحولت من احزاب تغييرية الى احزاب اصلاحية لقناعتها بعدم امكانية تغيير المجتمعات الاوروبية من مجتمعات رأسمالية تؤمن ايمانا كبيرا بالحرية الى مجتمعات اشتراكية يفقد فيها الانسان حريته السياسية كما في العالم الشيوعي. وكمثال تاريخي للاحزاب الاصلاحية الحزب العلوي في الدولة الاموية والعباسية والحزب الاسماعيلي في الدولة العباسية والخوارج في الدولة الاموية.

  3. احزاب محافظة وهي الاحزاب التي تحافظ على الاوضاع الاجتماعية والسياسية السائدة في المجتمع وتعارض الاصلاح او التغيير وامثلتها حزب المحافظين البريطاني والاحزاب الكاثوليكية الايطالية والالمانية. اما التيارات الليبرالية في الاحزاب المحافظة في العالم الرأسمالي فتعتبر تيارات اصلاحية. وكمثال تاريخي للاحزاب المحافظة الحزب القرشي ايام الخلفاء والى نهاية العهد العباسي.

  4. احزاب مصلحية وهي تدور مدار مصالح الافراد الشخصية ككثير من الاحزاب الحاكمة في العالم الثالث.

وتطلق صفة (اليسار) على الاحزاب الاصلاحية في اوروبا وصفة (اليمين)على الاحزاب المحافظة. وتستعمل هذه الصفة في العالم انطلاقا من مفهومها السياسي الاوروبي. ويتوسع الشيوعيون في استعمالها في العالم الثالث.

ب. وتنقسم الاحزاب من حيث تخصص نشاطها في المجتمع الى:

  1. احزاب شمولية وهي التي تعتنق مبادىء شاملة تشمل النشاطات الانسانية الحياتية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كلها او جلها.

  2. احزاب برلمانية وهي احزاب تنشأ من تكتل البرلمانيين او من تكتل انتخابي، ويقتصر عملها على النشاط البرلماني والانتخابي.

  3. احزاب لرعاية مصالح الرأسماليين كالاحزاب التي نشأت بتكتل مجموعة من اصحاب الرساميل، وكبار المصرفيين، والتكتلات الصناعية والتجارية ونقابات اصحاب الاعمال وتتمثل بالاحزاب المحافظة في العالم الغربي.

  4. احزاب عمالية في البلدان الصناعية حيث تتعاون النقابات العمالية لتؤلف احزابا عمالية للدفاع عن مصالح النقابات. او تنشأ احزاب عمالية ينتسب اليها العمال مباشرة وتنظم النقابات المهنية العمالية وتدافع عن مصالح العمال.

  5. احزاب فلاحية وهي اقل انتشارا ونموا من الاحزاب العمالية وتنشأ من التجمعات والنقابات الزراعية.

  6. احزاب ذات اصول طلابية او متأثرة بالحركات والاوساط الطلابية.

  7. احزاب دينية، فالدين والعقيدة الدينية اساس مهم لتكتل الناس ونرى هذه الاحزاب بين المسيحيين والبوذيين واليهود والمسلمين.

ج. وتنقسم الاحزاب من حيث الالتزام الفكري الى:

  1. احزاب مبدئية تلتزم بفكر وعقيدة معينين ولاتحيد عنهما.

  2. احزاب شبه مبدئية وهي احزاب تلتزم بأجزاء من مبدأ معين تعتقد به او تلتزم بمنهاج حزبي واسع.

  3. احزاب منهجية تلتزم بمنهاج معين ضيق.

  4. احزاب غير ملتزمة وهي احزاب تلتف حول زعيم يتخذ مواقف شخصية وآنية تختلف باختلاف الظروف والمواقف السياسية.

  5. احزاب مفتعلة وهي الاحزاب التي تنشأ انشاء مفتعلا لتحقيق غرض محدد مثل الاحزاب التي ينشؤها الحكام لتنظيم الانصار والتظاهر بالمظهر الديمقراطي.

د. وتنقسم الاحزاب من حيث العلاقات الحزبية الداخلية ـ الترابط العام.

شكل الترابط ـ المركزية واللامركزية ـ الى:

  1. الاحزاب ذات الترابط الضعيف وهي الاحزاب التي يكون نشاطها موسميا والتي تسمح لأي كان أن يدخل فيها اثناء موسم نشاطها.ولا يتطلب الارتباط بها التزامات كثيرة ولااجتماعات دورية بل قد يقتصر على قراءة صحف الحزب واعطاء الصوت الانتخابي وما شابه. ان قوة الترابط تتجلى في سعة الالتزامات السياسية والثقافية والمالية والفعاليات العامة، فالاحزاب المحافظة في المجتمعات الرأسمالية اقل ترابطا من الاحزاب الاشتراكية وهذه اقل ترابطا من الاحزاب الشيوعية والاحزاب التي تعتمد العنف تكون اكثر ترابطا من غيرها. والاحزاب التغييرية الاسلامية اكثر ترابطا من الجميع.

  2. يأخذ الترابط الحزبي شكلا عموديا او افقيا. والاتصال الافقي هو الاتصال بين جهازين من مستوى واحد كأن تتصل لجنة محلية بلجنة محلية اخرى بصورة مباشرة مستقلة. ويكون الاتصال الافقي في مناخ الحرية السياسية وحيث تكون للقواعد الحزبية اهمية كبيرة وخاصة حيث يكون للقواعد اهمية تاريخية في نشوء الحزب، وفي الاحزاب ذات الترابط الضعيف تبلغ الاتصالات الافقية ذروتها.

    وليس هناك حزب ذو اتصال افقي فقط وانما هناك احزاب ذات اتصال افقي وعمودي او ذات اتصال عمودي ويكون الاتصال الافقي فيها بصورة غير مباشرة بواسطة الهيئات الاعلى كما يحدث في المؤتمرات الحزبية والاجتماعات ذات الصفة الاستثنائية.

    والاتصال العمودي هو ان تتصل كل هيئة في الحزب بالهيئة التي تتبع لها كأن تتصل الحلقة باللجنة الفرعية التابعة لها واللجنة الفرعية باللجنة المحلية وهذه بلجنة المنطقة وهذه بالقيادة المركزية ولاتستطيع المجموعات من رتبة واحدة الاتصال فيما بينها الا عن طريق الهيئة الاعلى.

    وفي الاتصال العمودي تكون وحدة الحزب امتن وهو اكثر ملاءمة للعمل السري.

  3. غالبا ما يقع التباس بين الاتصال العمودي الافقي (الاتصال المزدوج) واللامركزية، والحالتان تلتقيان في كثير من المسائل ولكنهما ترتكزان على أساسين مختلفين: فالاتصالات العمودية والافقية هي الاسلوب الذي يحقق التوافق في قواعد الحزب، فقد يأتي التوافق عن طريق اتصال القواعد مع بعضها او يأتي عن طريق الاتصال باللجان المسؤولة. والمركزية واللامركزية تعودان الى توزيع السلطات بين مستويات القيادة. فقد تكون الاتصالات عمودية ولا تعتمد المركزية المطلقة، وقد تكون مزدوجة وفي الحزب مركزية كبيرة. وتأخذ المركزية واللامركزية كثيرا من الاشكال:

ففي بعض الاحزاب يكون القادة المحليون ذوي سلطة واسعة ويحتفظ المركز بسلطان قليل عليهم كالقرارات الاساسية وتتجه هذه الاحزاب نحو المشاكل المحلية على حساب القضايا العامة والعالمية ـ ومن هذه الزاوية نرى كيف ان المصالح الانتخابية المحلية تؤثر على السياسة الخارجية في الولايات المتحدة الاميركية ـ وهذه اللامركزية المحلية تتلاءم احيانا مع الترابط الضعيف كما تتلاءم احيانا مع الترابط القوي.

وتظهر اللامركزية في بعض الاحزاب على شكل اعطاء صلاحيات كاملة لمختلف التنظيمات الداخلية في الحزب فقد يحتوي الحزب على تنظيمات فلاحية وعمالية وطلابية ومهنية وحينئذ تظهر التناقضات داخل الحزب.

والحزب الذي يعمل في اقاليم مختلفة داخل دولة اتحادية او يعمل في اقطار مختلفة منفصلة بعضها عن الآخر يحتاج الى اللامركزية لكي يتمتع بحرية العمل.

وقد ابتدع الحزب الشيوعي نظرية (المركزية الديمقراطية) التي تقوم على اعلام المركز بوجهة نظر القاعدة لكي يتمكن من اتخاذ القرار الصالح وتأمين تطبيق قرار المركز على كل المستويات بصورة دقيقة. وتفترض المركزية الديمقراطية ان مناقشات حرة تجري في القواعد قبل اتخاذ أي قرار من اجل تنوير المركز ولكن النقاش يتوقف بعد القرار. وبالنسبة للمركزية واللامركزية في الفكر الحزبي تعطي بعض الاحزاب الاستقلال لمختلف الاجنحة والنزعات المتكونة داخل الحزب واحيانا يشجع اختلاف التركيبات الحزبية على اللامركزية الفكرية في حين تهتم بعض الاحزاب اهتماماكاملا بالمركزية الفكرية.

ان العوامل التي تؤثر على انخاذ موقف من المركزية واللامركزية هي:

  1. عقيدة الحزب او منهاجه.

  2. ولادة الحزب وهل نشأ بمبادرة من المركز او من تجمع القاعدة وانتخاب القيادة.

  3. واحيانا كما في الاحزاب الرأسمالية تلعب طريقة تمويل الحزب اهمية خاصة في المركزية واللامركزية حيث يكون التمويل من الاشتراكات المفروضة على القاعدة او من بعض القياديين.

  4. النشاطات المحلية التي تؤثر على المركزية واللامركزية في الاحزاب البرلمانية.

ه. وتنقسم الاحزاب من حيث الوحدات التنظيمية الاولية في القاعدة الى:

  1. احزاب تعتمد على خلايا مهنية وتكون هذه الخلايا مغلقة وقليلة العدد في ظروف العمل السري، ومغلقة كثيرة العدد في ظروف العمل العلني.

  2. احزاب تعتمد على خلايا محلية مغلقة قليلة العدد في ظروف العمل السري وكثيرة العدد نسبيا في ظروف العمل العلني.

  3. احزاب تعتمد خلايا مهنية ومحلية حسب اوضاع العمل.

  4. احزاب تعتمد على شعب مفتوحة للانتساب العام مهما كثر المنتسبون، وتهتم هذه الاحزاب بالتثقيف الحزبي والنشاطات الحزبيةالمختلفة.

  5. احزاب تعتمد على لجان ذات نفوذ محلي وذات صلاحيات حزبية واسعة وتكون هذه اللجان شبه مغلقة.

و. وتنقسم الاحزاب من حيث علاقاتها العامة مع الآخرين الى:

  1. احزاب مرنة.

  2. احزاب متصلبة.

  3. احزاب تتخذ مواقف مناسبة للظروف وتتقيد بمبدأ معين.

  4. احزاب تتخذ مواقف مناسبة للظروف دون التقيد بمبدأ معين.

كما تنقسم الاحزاب من حيث الانتماء التنظيمي الى احزاب ذات انتساب مباشر واحزاب ذات انتساب غير مباشر كالاحزاب التي تتألف من عدة تجمعات او نقابات…

هذه اهم التقسيمات للعمل الحزبي. وسوف يتضح ان شاء الله موقع العمل الاسلامي من هذه التقسيمات.

المؤثرات التي تؤثر على تكوين وتطوير الاحزاب

المؤثرات الخارجية:

١. البيئة الحضارية:

المقصود بالبيئة الحضارية: طراز الحياة المرتبط بمفاهيم حياتية مستقرة في ذهن افراد المجتمع. وفي عالم اليوم بيئات حضارية متباينة في تأثيرها على العمل الحزبي. فالعمل الحزبي في بيئة عشائريه في اليمن او الكونغو يختلف اختلافا بيـِّنا عن العمل الحزبي في بيئة ديمقراطية رأسمالية في هولاندا او سويسرا. فالافراد في البيئة العشائرية يرتبطون ارتباطات متينة. بينما الحياة الفردية والحرية الواسعة ميزة البيئة الديمقراطية الرأسمالية. وابرز واهم البيئات الحضارية في عالم اليوم هي:

  1. البيئة الحضارية المادية ـ حضارة الرجل الأبيض ـ وابرز معالمها:

    الحرية الاقتصادية والحرية السياسية والرقي المادي وتوفر السلع وكثرة استهلاكها وسيطرة اصحاب رؤوس الاموال على مقدرات البلاد.وتمثل هذه البيئة الدول الرأسمالية في العالم في اميركا الشمالية وشمال ووسط وغرب اوروبا ويتبعها اميركا اللاتينية واليابان. فان العنصر السائد في اميركا اللاتينية هم الاوروبيون المهاجرون وقد ذابت فيهم بقية المهاجرين من آسيا وافريقيا وأهل البلاد الاصليون واندمجوا في الحياة العامة في بييئة حضارية مادية. واليابان اخذت بمفاهيم من الحضارة المادية الرأسمالية قبل الحرب الثانية ثم اندمجت بالمفاهيم الغربية بعد انكسارها عسكريا في الحرب فتعايشت المفاهيم اليابانية الاصيلة والمفاهيم المادية الحديثة وشكلت اليابان كيانا حضاريا ماديا رأسماليا متميزا.

  2. لبيئة الحضارية المادية الاشتراكية وابرز معالمها: سيطرة الحزب الشيوعي على نشاطات الانسان، والرقي الصناعي، والتخطيط المركزي. وتمثل هذه البيئة روسيا والصين وتوابعهما من الدول الشيوعية.

  3. البيئات البدائية ذات الصبغة العشائرية الضيقة. والفقر المادي والانعزال وهي البيئات التي لم تتأثر بعد تأثيرا غالبا بالحضارة المادية السائدة. وتمثل هذه البيئات قبائل اعماق آسيا وافريقيا وبعض القبائل في اميركا الجنوبية واستراليا.

  4. البيئات القلقة: وهي البيئات التي ضمرت فيها مفاهيمها الحضارية ولم تتمكن من امتلاك مفاهيم حضارية جديدة. ويمثل هذه البيئات العالم الاسلامي وبعض الاقطار في آسيا وافريقيا.

الانسان في البيئات الحضارية المختلفة

يتفاوت احترام انسانية الانسان بين بيئة حضارية واخرى، ويتأثر ذلك:

  1. بالمفاهيم الحضارية السائدة.

  2. بالمفاهيم الحضارية الموروثة.

  3. بالتقاليد.

  4. بالاعراف.

  5. بالعادات.

  6. بالقوانين.

الانسان في البيئة الرأسمالية:

يعطى الفرد في المجتمع المادي الرأسمالي دورا بارزا وفعاليات في الحياة، فهو العماد الاول والاخير للمجتمع فله حرية المعتقد وحرية السلوك الخ…

و يتميز المجتمع الرأسمالي بما يلي:

  1. حدوث تراكم هائل للثروات في يد قلة من الناس تسيطر على الاوضاع الاقتصادية والسياسية في بلادها ويمتد تأثيرها الى الخارج.

    مثلا: تسيطر مجموعة مورغان على عدد من اكابر المؤسسات الاحتكارية الصناعية الاميركية من بينها تروست الفولاد وكونزرت السيارات جنرال موتورز وجنرال الكتريك وشركة بولمان وشركة التلغراف والتلفون وعدة شركات اساسية في الخطوط الحديدية وبضعة مصارف هامةـ غراتني تروست وبانكير تروستا ونيويورك تروست.

    و تشمل مجموعة روكفلر المالية كثيرا من المؤسسات الصناعية وشركات المواصلات والتجارة والمصارف ومجموعات تروست البترول وستاندرد اويل واضخم مصرف فرست ناشنال بنك.

    واكبر الاحتكارات المصرفية الالمانية الثلاث هو دوتش بانك وله علاقة واسعة بالاحتكارات الصناعية المسيطرة،ويتألف المجلس المشرف على المصرف من ٤٨ شخصا يشغلون اكثر من ٦٢٢ مركزا اداريا في ١٢٦ من كبريات الشركات المساهمة في المانيا الاتحادية. وهكذا يحدث التراكم في كل الدول الرأسمالية…

  2. احترام المبادرات الشخصية وتقديرها البالغ فالابتكار والتخصص والبطولة الفردية ينظر اليها نظرة اكبار واعجاب غير اعتيادية وايمان بالتطور التدريجي في المجتمع. ولدى المفكرين الرأسماليين ان مقياس رقي المجتمع هو مقدار سرعةالتغير من قبل افراده.

  3. اضطهاد الشعوب الاخرى المغلوبة على امرها فبمقدار ما للانسان من قيمة في المجتمع الرأسمالي له احتقار كامل ان كان من الشعوب المغلوبة على امرها ولذا فان الاستعلاء القومي والشخصي احد مميزات افراد المجتمع الرأسمالي وخاصة بالنسبة للشعوب المغلوبة على امرها. ان المجتمع الرأسمالي يستسيغ ان يقتل الجنود الاسرائيليون مئات من الرجال والاطفال والشيوخ العرب او يقتلوا مئات الجنود الاوغنديين ليخلصوا مائة اسرائيلي معتقل. ويمكن ان نعرف مقدار الاستعلاء لدى الرأسماليين عندما نلاحظ تصرفاتهم وعندما نسمع كلماتهم أو نقرؤها. يقول هيرمان ملفيل:

    ”نحن الاميركيين شعب خاص، شعب مختار واسرائيل الوقت الحاضر، اننا نحمل دفة الخلاص لحريات العالم“

    ويقول احد المبشرين:

    ”ان العنصر الانكلوسكسوني قد اختاره الله لتحضير العالم“

  4. ازدياد الاقبال على اللذات الجسدية، وتهدم وحدة البناء الاجتماعي في الحياة الاسرية واتجاه الحياة الاجتماعية الى الانفلات الشخصي في طريق يؤدي الى الاباحية الخلقية عمليا وقانونيا.

  5. اقبال الناس على الاستهلاك الاقتصادي وشراء السلع بشكل شره.

  6. وجود صيحات داخلية من بعض المفكرين والمشرعين لتصحيح بعض المفاسد الاقتصادية الناتجة عن الحرية الاقتصادية لان المجال الاقتصادي عندهم هو اهم المجالات.

الانسان في البيئة الاشتراكية:

الفرد في المجتمع الاشتراكي يعتبر من المجموع وليس له حرية التحرك الا ضمن مصلحة المجموع التي يقررها فعليا رأس الجهاز الحاكم. وتقييم الانسان عندهم هو أن لا يخضع من ناحية اقتصادية لاستغلال انسان آخر ولذلك يعتبرون ان الملكية الفردية اساس من اسس فساد المجتمع. ولا حرية سياسية للفرد الاضمن الخط السياسي العام، وليس لأحد ان ينتقد هذا الخط او يعمل خلافه لانه يكون عدوا للشعب. والشعار السائد في بعض البلدان العربية (لاحرية لاعداء الشعوب) شعار منقول من البيئة الشيوعية.

ويتميز المجتمع الاشتراكي الشيوعي بما يلي:

  1. عدم وجود بطالة.

  2. الاهتمام بالسياسة مقصور على الحزبيين.

  3. انقياد الناس الكامل ودون حيوية للحزب الحاكم.

  4. وجود تعاطف اممي مع بقية الشعوب.

الانسان في البيئة البدائية:

تتميز المجتمعات البدائية ببساطة التفكير والسلوك ومحدوديته ويتميز المجتمع البدائي بصغر حجمه وتمسك جميع افراده بنفس القيم والجمود عليها بدون شذوذ يذكر. ومن مظاهر هذا المجتمع:

  1. التعاون والتآزر الكامل بين افراد المجتمع.

  2. احترام مشيخة المجتمع والخضوع الكامل للاعراف والتقاليد والعادات الثابتة.

  3. القناعة في الحياة الاقتصادية.

  4. لاقيمة سياسية للمجتمعات البدائية ولا عمل سياسي فيها عادة.

الانسان في البيئة القلقة:

وهذه المجتمعات ليست في حالة استقرار فهي خاضعة ضائعة لم تتركز فيها مفاهيم حضارية مستقرة، فلا المفاهيم الحضارية الغازية تثبتت ولا المفاهيم الاصيلة بقيت. ونتيجة عدم الاستقرار هذه تظهر تحركات اجتماعية وسياسية في مختلف الاتجاهات، ومن مظاهر المجتمعات:

  1. التفتت الحضاري وعدم الوحدة بين الناس فمن مقلد للحضارة السائدة ومن عامل باتجاه حضارة اخرى ومن متمسك ببقايا مفاهيم حضارته الاصيلة ومن ضائع حائر.

  2. العمل السياسي السائد في هذه المجتمعات مرتبط في عجلة السياسات الاستعمارية التي تسود عالم اليوم.

  3. فقد الانسان قيمته في المجتمعات ولذلك فان القتل والتعذيب والسجن للانسان امور لا اهمية لها والمذابح الفظيعة وانواع الاضطهاد امور اعتيادية.

    وللمقارنة بين الانسان في هذه المجتمعات وقيمة الانسان في المجتمعات الاخرى نذكر هذه الحادثه:

    في نهاية ١٩٧٤م اعدمت السلطة العراقية خمسة من علماء المسلمين وشبابهم لا لشيء الا لعملهم في سبيل الله بهدوء رزين ضمن تنظيم الدعوة الاسلامية ولم يتفوهوا بكلمة واحدة معلنة ضد السلطة طيلة عملهم السياسي الاجتماعي. اعدم هؤلاء دون ان يرف جفن للحكام ودون ان يصدروا بيانا صغيرا يبرر قتلهم وبعد محاكمة صورية لايمكن لأي مراقب ان يحترمها او يحترم من أنشأها… وقد تجاهلت هذا الحدث المريع الصحافة العربية أي تجاهل وكذلك الصحافة الاسلامية الا القليل القليل.

    وفي نفس الفترة اعدمت السلطات الاسبانية خمسة من ثوار الباسك ممن كانوايحملون السلاح ضد السلطة الاسبانية لفصل اقليم من اسبانيا عن الحكومة المركزية فقامت ضجة عالمية كبرى لهذا الحدث واحتجت المؤسسات السياسية والثقافية والدينية على فعل السلطة وطالب بعض السياسيين بطرد اسبانيا من هيئة الامم المتحدة.

    فلماذا كان رد الفعل على عمل السلطة الاسبانية اكبر بكثير من رد الفعل على عمل السلطة العراقية مع ان عمل الاخيرة افظع بكثير!؟

    والجواب انه بقطع النظر عن خوف المسلمين من الاحتجاج على قتل المجاهدين وعدم نصرة المجتمع العالمي للعاملين للاسلام فان للانسان الاوروبي قيمة معترفا بها والانسان المسلم ليس له قيمة لا في مجتمعه ولا في المجتمع العالمي.. ولذلك فاننا نرى باستمرار المجازر السياسية في البلاد الاسلامية في فترة واخرى.

  4. العمل الاقتصادي وخاصة الصناعي والزراعي وكذلك المشاريع العملية في المجتمعات القلقة يغلب عليها التقليد والبدائية.

العمل الحزبي في البيئات الحضارية المختلفة:

يختلف موقف البيئات الحضارية من النشاط الحزبي. فالعمل الحزبي وتعدده جزء من الحياة السياسية في البيئة الرأسمالية والافراد في هذه البيئة منفتحون على العمل الحزبي بحكم الاسس الفكرية العامة التي يعيشونها ولذلك فان العقبة الكأداء التي وقفت امام استمرار نمو الحزب الشيوعي في أوروبا الغربية هو انطباع الناس ان هذا الحزب لا يؤمن بالحرية الفردية وانه يعمل لسيادة الحزب الواحد بحيث اضطرت بعض قيادات الاحزاب الشيوعية ان تعدل موقفها من كثير من القضايا التي تؤمن بها لكي تذلل هذه العقبات بل وتحولت الى احزاب اصلاحية كما تقدم معنا.

واما البيئة الحضارية الاشتراكية الشيوعية فان أهل الحل والعقد فيها يؤمنون بالعمل الحزبي على اساس دكتاتورية البروليتاريا التي يمثلها الحزب الشيوعي باعتبار أنه يمثل مصلحة الطبقة العاملة. وأي عمل حزبي آخر يمنع بالرقابة البوليسية والقمع الشديد.

وأما البيئة البدائية فلا تتسع للعمل الحزبي ويمكن ان تندمج بمجموعها ضمن حزب عقائدي او شبه عقائدي اذا اقتنعت مشيختها بذلك.

واما البيئة الحضارية القلقة وغير المتميزة فان الافراد المتحسسين بأوضاعهم القلقة مستعدون للعمل لتغيير اوضاعهم او تحسينها. واناس هذه البيئات كما قلنا مشدودون الى اتجاهات مختلفة مما يسبب ميوعة المجتمع وهذه الميوعة تفتح بابا واسعا للعمل الحزبي واحيانا اخرى بابا ضيقا حسب المكان والظرف. والسلطات في هذه البيئات مرتبطة بالنفوذ الاجنبي وهي تسمح بالاعمال الحزبية المرتبطة بخطها السياسي وتمنع الاعمال التي لاترتبط بها بالرقابة البوليسية والقمع الشديد او الخفيف.

٢. النفوذ الخارجي:

اكثر بقاع العالم واقعة تحت نفوذ قلة من الدول الاستعمارية والعمل الحزبي في هذه الاقطار ـ العالم الثالث ـ مقيد بمصالح الاستعمار. والاصل عند المستعمرين في العمل الحزبي المنع الا في الهند ولبنان واسرائيل لأن الهند بأكثريتها الهندوكية ترضخ بشكل ما للنفوذ الاستعماري ولبنان يمثل فيه المسيحيون الفئة المسيطرة واسرائيل يسيطر فيها اليهود. ان نفوذ الاستعمار واهدافه في اقطار العالم الثالث ذو تأثير على العمل الحزبي فيها، فالاستعمار يستهدف الحصول على أسواق خارجية وعلى مصادر للمواد الخام وعلى مناطق استراتيجية وعلى طرق حيوية بحرية وبرية الخ… وبالجملة على نفوذ سياسي واقتصادي وعسكري وثقافي ولذلك فان من المهم لديه ان يجعل اهل البلاد يتقبلون ما يهدف اليه بشكل وآخر ليضمن لنفسه الاستمرار.

وقد اتخذ المستعمرون الاحزاب وسيلة لذلك فهم يشجعون الاعمال السياسية التي تتماشى مع اهدافهم ويكافحون الاعمال السياسية التي تعارضها.وان من جملة اعمال اجهزة الاستخبارات الاستعمارية اصطياد الاحزاب في شباكها بمجرد ظهور علامات نموها في الاوساط الشعبية والحصول على بعض السمعة في الاوساط السياسية. وان وصول الاحزاب التي نشاهدها في الحكم في بعض الاقطار الاسلامية هو من جراء قبولها السير في ركاب الاستخبارات الاستعمارية. وان بقاء كثير من هذه الاحزاب في السلطة مرتبط ارتباطا كليا بقبولها السير في الخط المرسوم لها داخليا وفي الصراع الاستعماري بين الدول المتنافسة. وان الظهور بمظهر اليسارية من قبل هذا الحكم او ذاك هو من قبيل التغطية تحت ضغوط الحس العدائي العميق للاستعمار الانكليزي والاميركي لدى الجماهير. ومع كل اساليب التغطية كثيرا ما ينزلق الحكم ويفضح نفسه ببعض افعاله واقواله، فأحد قادة الحكم في بغداد مثلا لم يتمكن من منع زلقة لسانه لكشف ارتباطه عندما قال في مقابلة صحفية ان الثورة قد تجاوزت الخط المسموح به!

وفي العالم الاسلامي احزاب يفتعلها عملاء الاستعمار واحزاب اخرى تقع في حبائله.والخط السياسي العام لدى المستعمرين والسلطات هو منع العمل الاسلامي غير المرتبط وخاصة العمل الاسلامي التغييري ومقاومة ذلك بمراقبة العاملين والاضطهاد الشديد.

وفي اميركا اللاتينية نرى الاوضاع غير المستقرة والانقلابات العسكرية تتوالى بمؤامرات الاستخبارات الاميركية ومشاركة الشركات الاقتصادية ذات النفوذ ضد التحركات المعادية للاستعمار الاميركي. واما الاقطار الواقعة تحت النفوذ الروسي فانها تتقيد بأحدية الحزب بتأثير النفوذ السياسي والعسكري الروسي ووضعيتها تختلف عن وضعية البلاد الواقعة تحت النفوذ الغربي فالظلم على أنواع.

٣. عوامل اخرى مؤثرة على تكوين الاحزاب وتطويرها
  1. السهولة والصعوبة:

    نلاحظ في بعض المجتمعات والاقاليم سهولة في العمل السياسي وفي مجتمعات واقاليم اخرى صعوبة. ويعود ذلك الى سماح السلطات بالعمل السياسي او منعه.

    فالعمل السياسي في المملكة السعودية والعراق ومصر وايران كما في الكونغو وزامبيا واثيوبيا والفليبين لا يباح الا بمقدار تأييد السلطة ولذا يكون العمل الحزبي صعبا في هذه الاقطار ويقتضي التضحية اذا لم يرتبط بالسلطات.

    كما يعود ذلك الى انفتاح الناس على العمل السياسي او انغلاقهم ومقاومتهم له، فالمجتمعات الجامدة المنغلقة والمجتمعات المحافظة تستقبل العمل السياسي استقبالا سيئا. والمدار في السهولة والصعوبة الاذى في العمل.

  2. الخصوبة والجدب:

    نلاحظ في مجتمعات اقبالا على العمل الحزبي وفي مجتمعات اخرى اعراضا فتكون البيئة الاولى خصبة والثانية مجدبة. والمدار في الخصوبة والجدب الاقبال على العمل. ففي الولايات المتحدة الاميركية واوروبا الغربية العمل الحزبي سهل ولكنه مجدب اذا كان تغييريا وكذلك في جميع المجتمعات المستقرة. والعمل السياسي في المجتمع الهندي واللبناني اسهل منه في المجتمع العراقي ولكن الاقبال على العمل في العراق اكثر. فالبيئة العراقية مثلا اخصب والعمل فيها اصعب. وهكذا تختلف السهولة والصعوبة والخصوبة والجدب وتتفاوت بين بيئة واخرى وتؤثر على العمل الحزبي.

المؤثرات الداخلية:

١. العقيدة والاهداف العليا للحزب:

ان السلوك الحزبي يتأثر الى حد كبير بالعقيدة الحزبية فعالم العقيدة او عوالم العقائد والافكار هي العوالم التي تشد اليها الحياة وهي العوامل التي يسير فيها العباقرة والطلائع والفئات المتميزة ليغيروا من خلالها الاوضاع الحياتية. ولا تخرج العقائد السائدة في العمل الحزبي في عالم اليوم عن ثلاث: العقيدة الاسلامية، والعقيدة الشيوعية، والعقيدة الرأسمالية أوالفكر الرأسمالي العام.

والعقيدة اما ان يحملها الحزب مباشرة او يعيش في بركة فكرية تابعة لها.

وهناك افكار مشتركة بين العقائد لاتظهر فيها الفروق وافكار متباينة هي التي تميز العقائد وافكارها بعضها عن البعض الآخر.

الافكار المشتركة:

وهي قواعدعقلية عامة يمكن ان تصدر عن أي انسان يستهدي الفطرة،و نعرض فيما يلي نماذج منها:

من الفكر الرأسمالي:

يقول البابا كريكوار الرابع:

احببت العدالة وكرهت الظلم لذلك أموت في منفاي.

ويقول:

الاعتراف بالجميل عاطفة قدسية.

ويقول جوزيف مازين:

خير للمرء ان يموت في سبيل فكرته من ان يعمل طويلا خائنا لوطنه.

من الفكر الشيوعي:

اوصى ماوتسي تونغ اعضاء الحزب الشيوعي بثمان وصايا اسماها نقاط الاهتمام الثمان:

  1. تحدث بأدب.
  2. ادفع ثمنا لما تشتريه.
  3. أعد ما تستعيره.
  4. أدفع تعويضا عما تتلفه.
  5. لاتضرب الناس وتشتمهم.
  6. لاتتلف المحاصيل.
  7. لاترفع الكلفة مع النساء بلا مبرر.
  8. لاتسيء معاملة الاسرى.

وهذه الافكار الرأسمالية والشيوعية يمكن ان تصدر عن أي فكر بل ويمكن للانسان ان يرى مثل هذه الافكار والوصايا في بقايا المفاهيم المعاشة في أي قرية نائية من قرى العالم الاسلامي.

من الفكر الاسلامي:

من الافكار الاسلامية المشتركة التي لايسع الرأسمالي والشيوعي الا ان يذعن لها:

في القضايا السياسية:

  1. ان تكون سهلا للقريب والبعيد وان لاتكون جبارا عنيدا.

  2. لاتركن الى ظالم وان كان حميما قريبا.

  3. لاتتبعوا الهوى.

  4. لاتفسدوا في الارض.

  5. لاتلبسوا الحق بالباطل.

  6. ادخلوا في السلم كافة.

في القضايا الاجتماعية العامة:

  1. أطلب العلم ولو بالصين.

  2. لاتقل لقصيريا قصير ولا لطويل يا طويل تريد بذلك عيبه.

  3. قولوا للناس حسنا.

  4. وبالوالدين احسانا.

  5. زين للناس حب الشهوات.

في الاخلاق:

  1. لاتغضب اذا سمعت حقا.

  2. لاتعص والديك في معروف.

  3. لاتثقل على أحد.

  4. لاتسرق.

  5. لاتشهد شهادة الزور لأحد قريبا او بعيدا.

التباين الفكري:

تفترق العقائد وما ينبثق عنها من فكر افتراقا كبيرا وبسبب تأثير الفكر على السلوك تفترق الاحزاب في سلوكها العام ويتباين افرادها في مواقفهم من القضايا ومن العلاقات. وسنورد فيما يلي جملة من الافكار المتباينة من المبادىء الثلاثة الرأسمالي، والشيوعي، والاسلامي:

من الفكر الرأسمالي:

  1. يقول ولسون:

    لقد سمعت في بعض الاحيان مناقشات تدور بين اناس مهذبين يفرقون بين الاممية والقومية واني اجد من الصعب القبول بهذا التفريق لأن أكثر الناس قومية هو الذي يتمنى ان تكون امته اعظم الامم. وأعظم أمة هي تلك التي تقوم بواجبها وتؤدي رسالتها بين الامم.

  2. كتب جامعي اميركي:

    يرى ولسون ان القيم القومية الاميركية تتطابق مع القيم الشاملة للتقدم الليبرالي وانه ينبغي على اميركا بحكم رسالتها الاستثنائية قيادة الانسانية نحو نظام العدالة العالمي.

  3. يقول فولبرايت:

    ان سياسة القوة تمارس مستترة بشتى الاسماء، لقد كان البريطانيون يسمونها عبء الرجل الابيض والفرنسيون رسالتهم الحضارية واميركيو القرن التاسع عشر مصيرهم المحتوم اما الآن فيدعونها مسؤوليات القوة والسلطان.

  4. يقول البرت بيفدج:

    ان الله لم يعد خلال الف عام الشعوب الثنوية والشعوب الناطقة بالانكليزية لكي تتأمل بكسل ودون طائلة لقد جعل منا اساتذة تنظيم العالم لكي نتمكن من نشر النظام حيث تسيطر الفوضى وجعلنا جديرين بالحكم لكي نتمكن من ادارة الشعوب البربرية والهرمة، وبدون هذه القوة ستعم العالم ثانية البربرية والظلام،وقد اختار الله الشعب الاميركي دون سائر الاجناس كشعب مختار لكي يعود العالم اخيرا الى تجديد ذاته.

  5. يقول توماس باسكال:

    من شأن الحرب ان تفرغ دمامل الفوضوية والاشتراكية والشعبية بطريقة جذرية وتحول دون انتشارها بين صفوف شعبنا على مدى قرنين من الزمان.

  6. يقول نلسون:

    لقد برهنا عن مساوىء وعن احتقار لا انساني بهيمي يهيمن على مشاعرنا اثناء سعينا الحثيث الرامي الى النجاح والى بلوغ العظمة.

  7. يقول برنارد شو:

    لم تعمل الشعوب شيئا في سبيل العلم والحرية عدا الحرب وقد تفنى فيها ويبقى الهدف بعيدا.

  8. يقول الهرهاس:

    هيا الى الامام الى نهر الفرات والى نهر دجلة والى الخليج الفارسي. هيا بنا نستولي على طريق الهند البرية تلك الطريق التي ينبغي ان تكون تحت سيطرة من ينبغي ان تكون له، تحت سيطرة الشعب الالماني الذي يبهج بالحرب ويفرح بالكفاح.

  9. يقول كوب:

    السلم مرحلة بين حربين.

  10. يقول مثل اميركي:

    السياسة هي الظفر بالمال من الاغنياء والتأييد من الفقراء بحجة حماية احدهما من الآخر.

  11. يقول مكيافلي:

    اربح الناس نهجا في هذه الحياة اقدرهم على اخضاع الملق وتكوين الوجه.

  12. يقول فولتير:

    السياسة هي فن الخداع.

  13. يقول كليمنصو:

    السياسة هي الملاينة.

من الفكر الشيوعي:

  1. العمل أوجد الانسان نفسه.

  2. نظرا لكوننا ماديين فنحن لا نعترف الا بصحة التفسير العلمي وليس الديني لكافة الاشياء والظاهرات الموجودة في الطبيعة والمجتمع. اننا نرفض الدين لسبب بسيط هو اننا نؤمن بقدرة العقل البشري الكلية وبالنشوء الطبيعي لكل ما في الكون.

  3. ان الحرب ضد الدين يجب ان لاتبقى في البحث العقائدي المجرد بل يجب ربطها بالعمل الفعلي في الحركة الطبيعية التي تهدف الى افناء جذوره.

    اننا نغتنم كل فرصة لفضح الدين كخرافة واساطير في مجالات العلم والمعرفة التي نبثها.

  4. الدين افيون الشعوب وعقبة في طريق تحرير الانسان الكامل.

  5. ان بقايا المجتمع القديم ضارة لبناء الاشتراكية ويجب القضاء عليها.

  6. ان الرأسمالية قد انجزت مهماتها التقدمية تاريخيا في خلق سوق عالمية وادخال التقسيم العالمي للعمل. وان فترة الازمات البنوية للاقتصاد الرأسمالي العالمي قد بدأت.

  7. ان هناك فترة بين الرأسمالية والاشتراكية هي دكتاتورية البروليتاريا. لاتستطيع البروليتاريا تحقيق دورها السياسي القيادي في التحول الثوري للمجتمع الا بشرط وجود استقلالها الطبقي والسياسي وتوفر حلفاء مخلصين وفضح وعزل القوى التوفيقية في الوقت نفسه.

  8. بدون الدكتاتورية الثورية يستحيل تحطيم مقاومة المالكين العقاريين والبرجوازية الكبيرة وصد هجمات الثورة المضادة.

  9. ينبغي على البروليتاريا ان تقوم بالانقلاب الديمقراطي الى النهاية بأن تضم اليها جماهير الفلاحين لسحق مقاومة الحكم المطلق بالقوة وشل تذبذب البرجوازية. كما ينبغي على البروليتاريا ان تقوم بالانقلاب الاشتراكي بأن تضم اليها العناصر شبه البروليتارية من السكان لسحق مقاومة البرجوازية بالقوة وشل تذبذب الفلاحين والبرجوازية الصغيرة.

  10. ان كل تاريخ رأس المال هو تاريخ العنف والنهب وتاريخ الدماء والقذارة.

  11. ان العمل المأجور شأنه شأن عمل العبيد والاقنان ليس سوى شكل عابر منحط يجب ان يخلي مكانه للعمل الجماعي الذي ينفذ طوعا وبرغبة وحماس.

  12. بنيانان في كل مجتمع: بنيان تحتي وبنيان فوقي، الاول أساس الثاني والثاني دعامة الاول وكل منهما بعض من كيان يستخدم في صالح الطبقة الاجتماعية السائدة.الاول يقوم على وسائل الانتاج وعلى العلاقات الانتاجية التي تعكس تملك هذه الوسائل والثاني يتكوّن من جميع مظاهر الحياة الاجتماعية الفكرية والادبية و السياسية والفنية والعلمية والتشريعية والدولة ومؤسساتها وانظمتها… وهدفه تبرير هذا التملك والدفاع عنه وقمع من يريد النيل منه.

  13. من اجل ان نحكم بشكل صائب على درجة ثورية ورجعية البرجوازية الوطنية ينبغي قبل كل شيء ان نقرر بأي مرحلة تاريخية نؤثر وما هي المهام التاريخية التي تقف امام البلاد المعنية.

من الفكر الاسلامي:

  1. الله لا اله الا هو الحي القيوم لاتأخذه سنة ولانوم له ما في السماوات ومافي الارض.

  2. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

  3. يعلم ما تخفون وما تعلنون.

  4. ادعوني استجب لكم.

  5. اذكروني اذكركم.

  6. يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لاتقنطوا من رحمة الله.

  7. لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم اوأبناءهم اواخوانهم اوعشيرتهم.

  8. شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه.

  9. ماجعل عليكم في الدين من حرج.

  10. يريد الله بكم اليسر.

في العلاقات العامة:

  1. الدين النصيحة.

  2. خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا.

  3. وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه.

  4. لاتبطلوا صدقاتكم بالمن الاذى.

  5. الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم.

  6. ادفع بالتي هي احسن السيئة.

  7. خذوا زينتكم عند كل مسجد.

  8. واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل.

في الدعوة الى الله:

  1. ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظةالحسنة وجادلهم بالتي هي احسن.

  2. ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

  3. ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين.

  4. يا ايها الذين آمنوا كونوا انصار الله.

  5. ان تنصروا الله ينصركم.

  6. والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.

  7. لاتموتن الا وانتم مسلمون.

  8. خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا مافيه.

  9. ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم.

  10. انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخويكم.

  11. اصبروا وصابروا ورابطوا وجاهدوا واتقوا الله.

  12. استعينوا بالصبر والصلاة.

  13. قاتلوا الذين يلونكم من الكفار.

  14. لاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء عند ربهم يرزقون.

في السلوك الشخصي:

  1. اعفوا واصفحوا.

  2. لاتنسوا الفضل بينكم.

  3. ان تؤدوا الامانات الى اهلها.

  4. والكاظمين الغيظ.

  5. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات.

  6. رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي.

  7. رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه.

  8. فاطر السماوات والارض انت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين.

  9. ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او أخطأنا.

  10. وما ابرىء نفسي ان النفس لأمارة بالسوء الاما رحم ربي.

٢. القيادة الحزبية:

من المؤثرات الداخلية على تكوين الحزب وتطويره كفاءة القيادة الحزبية وقدرتها على استخدام وايجاد الوسائل الصحيحة الواقعية التي توصل الحزب الى اهدافه القريبة والبعيدة.

فالحركة الشيوعية الماركسية كانت تعمل في انحاء اوروبا وكانت تعتنقها اكثر من فئة في روسيا. ولكن الحركة البلشفية هي التي شقـَّت طريقها الى النجاح بفضل كفاءة قيادتها على ادارة دفة العمل الحزبي والثوري وقدرتها على استيعاب الظروف واتخاذ المواقف الملائمة.

وعندما تتوفر في القيادة الصفات القيادية الملائمة يسير الحزب نحو اهدافه بخطى ثابتة.

وهذه مواصفات ينبغي ان تتوفر في القيادة كل واحد من اعضائها أو فيها ككل بحيث تكون في صفتها العامة:

  • اولا: القيادي ذو حس تنظيمي (الحس مرحلة متقدمة على الاطلاع والممارسة):

    1. يفهم خط السير والمرحلة.

    2. يميز بين الفكر الصائب والخاطيء.

    3. يميز بين الاشياء والقضايا والاحداث والاشخاص فلا يختلط في ذهنه أمر بأمر.

    4. يكشف الاخطاء في بدايتها ويعرفها على حقيقتها.

    5. لاينخدع بالمظاهر.

    6. يتذكر القضايا والامور الاساسية.

    7. يحدد الاولويات.

    8. يعمل على التخلص من الجمود والركود والتقوقع.

    9. ينظر الى حركة الحزب وحركة الامة من واقعها المتطور.

    10. يعرف القدرات الممتلكة والانجازات المحققة.

    11. يعمل على تطوير الاساليب لملاءمتها لمختلف الاهداف.

    12. يعطي القرار المناسب في الوقت المناسب.

  • ثانيا: القيادي ذو حس سياسي:

    1. يعرف الاحداث على حقيقتها قبل غيره واعمق من غيره واشمل.

    2. واضح الرؤية للحاضر ويرى خطوط المستقبل.

    3. يحمل هموم الحركة.

    4. يغني الحركة بالفكر والابداع.

  • ثالثا: القيادي ذو حس جماهيري.

    1. يحمل هموم الامة.

    2. يتألم بآلام الامة قبل غيره واعمق من غيره واشمل.

    3. يفرح بانتصارات الامة وتقدمها.

    4. لايضع حاجزا بينه وبين مشاكل الناس.

  • رابعا: القيادي في شخصيته:

    1. دائب التفكير لا يكل ولا يمل.

    2. ذو معنوية عالية وعزيمة صلبة ولين في غير ضعف.

    3. يمثل التفاؤل.

    4. قدوة في السلوك الشخصي.

    5. لا يتشبث بالموقف الخاطيء.

    6. يعطي كل ذي حق حقه.

    7. لايسرق جهود الآخرين ويدعي انتصاراتهم.

    8. ذو افق واسع.

    9. ذو صدر واسع.

    10. ذو معرفة واسعة.

    11. يؤمن بالفكرة ويعمل من خلالها.

  • خامسا: القيادي في عمله:

    1. تظهر قدرته القيادية مع من يعمل معهم.

    2. يعمق شعور من يعمل معه بالانتماء الى الحزب.

    3. ذو روح اخوية وروح أبوية.

    4. يتعاون مع اخوانه.

    5. يسمع من اخوانه.

    6. يناقش اخوانه.

    7. يتفاهم مع اخوانه.

    8. يفهم من اخوانه.

    9. يعلم اخوانه.

    10. يتعلم من اخوانه.

    11. لا يتحول الى متسلط متكبر على النقد الذاتي.

٣. العاملون في الحزب:

العاملون في الاحزاب يرتبطون بأحزابهم في ثلاث مستويات:

  1. ارتباط طبيعي كأن ينشأ الانسان في بيئة حزبية ويرى نفسه مرتبطا بالعمل فيها دون تصميم مسبق كما ينشأ بعضهم داخل الحزب الحاكم كما في الاحزاب الشيوعية الحاكمة والاحزاب الغربية المحافظة.

  2. وهناك ارتباط مصلحي حيث يجد الانسان من مصلحته الارتباط بهذا الحزب دون ذاك.

  3. وهناك ارتباط عقائدي حيث ينتمي الانسان الى الحزب بعد ان يؤمن بعقيدته.

ويتفاوت العاملون للاحزاب بين:

  • أ. من لا يشترك بأي نشاط من نشاطات الحزب سوى ان يعطيه صوته في الانتخابات عندما يشترك الحزب في الانتخابات عامة.

  • ب. وبين مؤيد للحزب وهو الذي يبدو عليه ذلك ويصرح بأنه يؤيد عقائد الحزب ويقدم له مساندته ولكنه يبقى خارج تنظيماته. والمؤيد اكثر من ناخب وادنى من منتسب ويزيد عن الناخب بأن يعلن موافقته للحزب وتفضيله سياسيا ويقوم بجهد ايجابي لمصلحة الحزب كقراءة منشوراته ومؤازرته في بعض نشاطاته العامة. والذي يمنع المؤيد من الانتساب للحزب عادة:

    خشية المتاعب. موانع الوظيفة. ينفر من الانضباط. يرفض التخلي عن استقلاليته. يختلف مع الحزب في بعض الامور ولكنه يفضله على بقية الاحزاب. ولكي يزداد عدد المؤيدين يؤلف الحزب عادة اجهزة ملحقة بالحزب تفتح بابا للمؤيدين ويراقبها الحزب فعلا او قانونا مثل تجمعات الشبيبة والاتحادات النسائية والجمعيات الرياضية ورابطات المحاربين القدماء والنوادي الثقافية والادبية والعسكرية والنقابات والتعاونيات وجمعيات الصداقة الدولية وجمعيات ربات البيوت والجمعيات الاقتصادية المختلفة… وتكون هذه الاجهزة الملحقة ذات اهداف خاصة متعددة.

  • ج. ويعتمد هيكل الحزب على المنتسبين الذين يلتزمون بالالتزامات المطلوبة فيقومون بالنشاطات العامة والاتصالات الخاصة، ومنهم تتألف قاعدة الحزب. ويأتي هؤلاء من الخزان العام الذي يمثله المؤيدون للحزب. ويمثل المنتسبون خلايا الحزب وشعبه ومؤتمراته.

والمنتسب الذي يندفع للعمل ويعطي من وقته وجهده وماله الشيء الكثير يسمى عادة بالمناضل. ومن المناضلين من يفرغ وقته بالكامل للحزب فيكون الحزب هو الدعامة الاساسية في حياته والمعتقد الذي يوجه كل نشاطاته ويملأ حياته.

وتختلف الاحزاب في قبول الانتساب واستقبال العاملين داخل الحزب. فالاحزاب الرأسمالية المحافظة تعتمد على الوجهاء في المناطق كعمود فقري للحزب وعلى البقية كمؤيدين.

والاحزاب الجماهيرية التي تفتح ابوابها للانتساب تصنف العاملين حسب الدرجة التي يعطونها من نشاطهم ووقتهم ومالهم للحزب.

والاحزاب العقائدية تقبل في صفوفها من المنتسبين من يؤمن بمبادئها ويعمل معها باخلاص. وتسميهم الطليعيين او النخبة او الاكثروعيا والمجاهدين وما الى ذلك.

ويتخذ الانتساب اشكالا مختلفة حسب طبيعة الحزب وحسب الظروف المحيطة بعمله.

والعاملون للحزب حسب نوعية ارتباطهم ومواصفاتهم في الفكر والعمل ذووا تأثير اساسي على تكوين الحزب وتطوره.

٤. العلاقة مع الجماهير:

ومن المؤثرات الداخلية التي تؤثر على تكوين الحزب وتطويره نوع علاقته بالجماهير ونظرته اليها وتعامله معها، وهذه بعض القواعد للنجاح في هذا الصدد:

  1. الجماهير لاتلتف حول من يسيء اليها ويتكبر عليها ويعاملها بغطرسة.

  2. لاتفرض آراءك على الجماهير فرضا، مهـَّد لآرائك لتشق طريقها الى اذهانهم.

  3. العادات والتقاليد والاعراف غير الاسلامية لا يجوز ان تكون حاجزا بين الناس والعاملين فلا تتبرم منها لأن تغييرها منوط بعملية التغيير العام.

  4. يجب ان يكون هدف العلاقات الجيدة مع الجماهير هدفا معاشا بصورة مستمرة.

  5. المهمات الكبرى لا تنجز الا بواسطة الجماهير.

  6. الجماهير بقيادة الحزب هي التي تصنع الاحداث الكبار.

  7. الحزب يحرك الجماهير ويوقظها ويرشدها.

  8. نجاح الحزب بمبدئه وبالجماهير المؤمنة بقيادته.

  9. استقطاب كل الناس ليس ضروريا للنجاح.

  10. عايش الناس وفكر في مشاكلهم وشاركهم في حياتهم.

  11. اخلص للناس واحبهم بالممارسة اليومية والاهتمام براحتهم والعناية بالمريض والمسنّ والمحتاج.

  12. تعلم من الناس وعلمهم.

الاحزاب في العالم الاسلامي

يوجد ثلاثة انواع من الاحزاب غير الاسلامية في العالم الاسلامي:

  1. الاحزاب المفتعلة: وهي الاحزاب التي ينشؤها الحكام بعد تسلمهم زمام الامور وهم يقصدون بذلك ايجاد قاعدة شعبية تسندهم في اعمالهم، وهذه الاحزاب تنهار بانهيار الحكم او تموت بموته ومثالها الاحزاب التي انشأها نوري السعيد وقوام السلطنة والشيشكلي وجمال عبد الناصر.

  2. وهناك الاحزاب المنهجية وهي الاحزاب التي لا تتبنى مبدأ معينا واما تتبنى مناهج لبعض القضايا وترفع بعض الشعارات او تعمل لتطبيقها فيما اذا توصلت الى الحكم. ومثالها الاحزاب الوطنية والقومية والمنظمات الاقليمية والمذهبية مثل منظمة تركيا الفتاة ومصر الفتاة.

  3. وهناك احزاب اخرى تبدو وكأنها مبدئية وهي ليست كذلك فهي شبه مبدئية وابرزها الاحزاب الشيوعية فهي وان كانت تعتنق مبدأ عن الكون والحياة ولكنها غير مبدئية لانها لا تستهدف من عملها تحقيق العقيدة الشيوعية التي هي مبدؤها وانما تأتمر بأوامر دول معينة وتتحايل على المبدأ. لقد مرت الاحزاب الشيوعية في العالم الاسلامي بثلاثة اطوار بعد استلام الحزب البلشفي للحكم في روسيا:

    • الطور الاول: عهد لينين الذي يؤمن بالثورة العالمية وكانت الاحزاب تعتبر ان الشيوعية تعمل للثورة العالمية بقيادة الحزب الشيوعي الروسي.

    • والطور الثاني: عهد ستالين حيث اعتبرت روسيا هي الدولة الام للاحزاب الشيوعية ومصلحتها تمثل مصلحة الاحزاب الشيوعية.

    • والطور الثالث: عهد خروتشوف وما بعده حيث تحولت السياسة الروسية الى سياسة قومية واصبحت الاحزاب الشيوعية تعمل كالعملاء لروسيا.

    ومما يلحق بالاحزاب شبه المبدئية بعض الاحزاب التي وسعت مناهجها وتبنت بعض المفاهيم الفلسفية حتى تتشبه بالاحزاب المبدئية كحزب المؤتمر الهندي وحزب البعث العربي.

كما يوجد نوعان من الاحزاب الاسلامية في العالم الاسلامي:

  1. الاحزاب المبدئية وهي الاحزاب الاسلامية الانقلابية لانها تعتنق عقيدة عن الوجود ينبثق عنها نظام للحياة في شتى جوانبها ولانها تعمل على تغيير اوضاع المجتمع بأجمعها من القواعد والاسس حتى ابسط الاشياء، وهذه الاحزاب موجودة في انحاء متعددة من العالم الاسلامي وهي لا ترتبط ببعضها ارتباطا عمليا منظما وانما تربطها رابطة العقيدة الاسلامية ويجمعها الفكر الاسلامي مع اختلاف قليل او كثير ويؤيد بعضها البعض الآخر تأييدا عاطفيا ينتج عنه بعض الاعمال في بعض الاحيان كما يحدث بين بعضها حساسيات في بعض الاحيان.

    ان التعاون بين الاحزاب الاسلامية امر ضروري لانه يزيد في تأثير الحركة الاسلامية اما فكرة الاندماج التي تراود افكار بعض المخلصين فهي فكرة خاطئة لأن الاندماج لا يحدث الا باجراء تنازلات ومساومات من الاطراف المندمجة كما انه يخلق تيارات داخل الدعوة الامر الذي يجعل سير الدعوة متعرجا وفاترا.

  2. الاحزاب الاصلاحية وتدخل ضمن الاحزاب شبه المبدئية لانها تأخذ بعض الجوانب والمفاهيم الاسلامية وتعمل على تحقيقها ناسية او تاركة الجوانب الاخرى. ومن امثلتها جماعة العلماء الهندية وحزب ماشومي الاندونيسي.

ان العاملين للاسلام في طريق التغيير الجذري والاصلاحي هم صفوة هذه الامة ووجودهم دليل على انتهاء فترة الغفلة وابتداء قابلية الامة لتطبيق الاسلام وستنمو قابلية الامة للتغيير وينمو احساسها بالحاجة الى الاسلام نموا بطيئا حتى ييسر الله وتتحمل اعباء الدعوة وتقبل القيادة التي تسير بها الى تطبيق الاسلام وسينصر الله من ينصره.

مساهمة الاحزاب غير الاسلامية في نشر الوعي السياسي

رغم اختلافنا الواضح في العقيدة والاهداف مع الاحزاب غير الاسلامية نرى انها ساهمت في نشر الوعي السياسي وكشف خطط الاستعمار الغربي وكشف ارتباط الاحزاب بالاستعمار الشرقي.

فقد ساهمت الاحزاب الشيوعية باظهار اخطار المشاريع الاستعمارية الغربية وتفاصيل بعض الخطط الاستعمارية وخاصة الاميركية منها، كما ساهمت الاحزاب القومية بكشف علاقة الاحزاب الشيوعية بالاتحاد السوفياتي وتبعيتها له.

وساهمت الاحزاب باسقاط بعض المشاريع الاستعمارية وتقليل السيطرة الاستعمارية في بعض الاقاليم وفي المنطقة بصورة عامة.

والسبب في هذه المساهمة مع ارتباط هذه الاحزاب بشكل من الاشكال مع الاستعمار هو:

  • اولا: صراع النفوذ بين الدول الاستعمارية التي ترتبط بها الاحزاب فان ارتباط الحزب بدولة معينة كارتباط قيادة حزب البعث في العراق بالاستخبارات الانكليزية مثلا لا يمنع حزب البعث من مكافحة خطط الاستعمار الاميركي وخاصة عندما تحاول اميركا ازاحة قيادة الحزب من الحكم لاحلال عملائها محله.

  • وثانيا: ان الاحزاب تنقاد لمشاعر الناس المعادية للاستعمار وتضطر ان تداريها لكسب الشعبية ولتكون ذات اهمية وقيمة سياسية في نظر المعنيين بتسيير دفة الامور في المنطقة.

ثم ان مساهمة الاحزاب في نشر الوعي السياسي كانت مساهمة جزئية ولذلك لم تنتج الاحزاب أي انتاج جذري او شبه جذري في المنطقة بأجمعها.

وقد يتخيل ان الفروق بين اقليم وآخر من اقاليم العالم الاسلامي جاءت بفعل الاحزاب ولكنه تخيل بعيد عن الواقع فان هذه الفروق جاءت بفعل الاحتكاك مع العالم الخارجي وليس بفعل الاحزاب.ان الفرق الخارجي الذي نلاحظه بين بيروت وصنعاء او بين الدار البيضاء والموصل او بين الاسكندرية والرياض او بين طهران وكابل هو فرق في المهارة الصناعية وعمارة المدينة وسلع الاسواق وانتشار ازياء الغرب وهو فرق كمي ناتج عن كمية الاحتكاك بين المدينة الاسلامية والمدينة الغربية فهو فرق بفعل الاجنبي وليس بفعل شيء آخر والاحزاب العلمانية والغربية التفكير هي منفعلة بهذا الاحتكاك وليس لها فعل مباشر في المنطقة.

اما اسباب بعد الاحزاب عن الانتاج الجذري فهي:

  • اولا: التقليد والمحاكاة للاحزاب الاجنبية، فان الفكر الحزبي في العالم الاسلامي ما هو الا منقولات حرفية مشوهة عن الفكر الاوروبي الرأسمالي والشيوعي وفي اكثر الاحيان يكون المنقول الفاظا لا مدلول لها ترددها القيادة والقاعدة دون ان يفقهوا لها معنى حتى ان شعارا لأحد الاحزاب الرئيسية في البلاد العربية يردده اصحابه سنين طويلة لم يتمكن القائد المؤسس ان يفسره تفسيرا واضحا في اجتماع قمة في بداية الستينات.

    والتقليد والمحاكاة يقابل الاصالة والتفكير الذاتي في العمل الحزبي وهو غير الاستفادة من تجارب الآخرين. فالاستفادة من تجارب الآخرين في العمل الحزبي يتوقف على معرفة ظروف هذه التجارب وعلى الحاجة الحقيقية الموضوعية لها. اما المحاكاة الببغاوية فتكون باستعمال الفكر التنظيمي والشعارات دون فهم لظروفها او حاجة حقيقية اليها سوى الاعجاب بالمصدر المقلد. وامثلة التقليد والمحاكاة كثيرة في تنظيم الاحزاب ومواقفها وشعاراتها. ومن هذه الامثلة: شعار نريد الخبز الذي رفعه البلشفيون في وجه السلطة الروسية حيث كانت روسيا تمر بأزمة اقتصادية خانقة بسبب الحرب العالمية الاولى وكان لهذا الشعار تأثير كبير لانه يعبر عن حاجة حقيقية للجماهير حتى ان الجنود المكلفين بقمع المظاهرة انضموا الى المتظاهرين.

    هذا الشعار رفعه الحزب الشيوعي العراقي في مظاهراته ضد السلطة الملكية في نهاية الاربعينات وقامت الشرطة بتفريق المتظاهرين وضربهم ولم يأت الشعار بنتيجة صحيحة لأن ظرفه ومكانه لم يكونا مناسبين ولانه لم يستعمل الا لمجرد التقليد والاعجاب.

    ومثال آخر بعد هزيمة ١٩٦٧ تبنت غالبية الاحزاب الشعارات الماركسية اللينينية انجرارا وراء المنطق القائل بما انا غلبنا بقيادة فئات لاتحمل الفكر الماركسي وبما ان الثورة الوحيدة التي انتصرت على الاستعمار الغربي هي الصين وكوبا وفيتنام وهي تحمل الفكر الماركسي فالنصر اذن لايكون الا بالفكر الماركسي وما هذا المنطق الا منطق المحاكاة والغرور.

    ان الحزب الذي يبني تنظيمه واعماله على التقليد والمحاكاة لا يمكن ان ينتج نتائج جذرية ولا يستطيع ان يصلح قضية او يغير واقعا وان استطاع ان يقوم بأعمال كثيرة ومتنوعة. ولعل الاحزاب التي تتجه الى التقليد وخاصة الاحزاب الشيوعية المقلدة للصين وروسيا تفضل العمل السهل على العمل الشاق, لأن معرفة مايحتاج اليه الحزب من تنظيم وافكار ومواقف وأساليب وشعارات واعمال يومية يحتاج الى ان تعيش قيادة الحزب كل وقتها في مشاكل المجتمع وتكون دائمة التفكير بها لتعرفها وتعطي لها الحلول والشعارات اللازمة لتسيير الحزب وهذا امر لا يسهل الحصول عليه الا في قلة نادرة مؤهلة لقيادة المجتمع. ويبدو ان غالبية الاحزاب تفتقد مثل هذه العناصر الهامة.

  • ثانيا: الانعزال عن الناس فقد تبنت الاحزاب افكارا واعتقدت عقائد في اكثرها بعيدة عن الناس فأصيبت بالعزلة عنهم وعدم التأثير فيهم بصورة عامة وانحصر التقاؤها بالناس في بعض القضايا الفكرية السائدة الناتجة عن أوضاع سياسية وعالمية والناتجة عن التأثر بمؤثر غربي واحد وفيما عدا ذلك تعيش الاحزاب معزولة عن الناس حتى ان النظرة العامة في العالم الاسلامي هي النظرة المشككة في الحزبية والحزبيين. واضافة الى ذلك فقد تتقدم الاحزاب على وضع الامة فلا تدرك اهمية مراحل العمل او تتأخر عن وضع الامة فلا تدرك حركة المجتمع واثر المشاكل وتراكمها على الناس وكلتا الحالتين تجعل الحزب معزولا عن الناس كما حدث لجيفارا في بوليفيا عندما رفع شعار الثورة قبل ان يتهيأ الشعب البوليفي لها، وكما حدث لاحزاب الزعامات المحافظة في العالم العربي حينما لم تدرك حركة المجتمع.

    ان انعزال الحزب يبعده عن ساحة الاحداث ويصبح وجوده وعدم وجوده سيان في حياة الناس وهذا مناقض للهدف المتوخى من تأسيس الحزب.

  • ثالثا: حظر العمل الحزبي في اكثر الاقاليم الاسلامية ومراقبة السلطة ومطاردتها لمن يعمل في الاحزاب مما يجعل اختلاط الاحزاب بالجماهير واقعا بين صعوبتين، رقابة السلطة ومغايرة عقيدة الناس وافكارهم.

  • رابعا: الازدواجية في سلوك الحزبيين: فان كثيرا من المنتمين للاحزاب يسعون وراء مكاسب شخصية سيما بعد ان يصبح للحزب كيان اجتماعي مرموق ولذلك تظهر الازدواجية على سلوك الحزبيين وخاصة القياديين: فهم ينادون بالاشتراكية في ادبياتهم ويتجهون الى العيش المترف وينادون بمعاداة الاستعمار ويرتبطون من ناحية اخرى مع جهة استعمارية، وينادون بالتضحية ويركضون وراء المكاسب الشخصية. ان هذا الاتجاه في العمل يحول دون أي انتاج جذري في المجتمع.

  • خامسا: الامراض الداخلية التي يبتلى بها الاحزاب. وهي كثيرة ومتنوعة فمنها الانشقاقات التي تجعل من الحزب احزابا صغيرة كانشقاق الاحزاب الشيوعية في سورية ولبنان والعراق واقاليم اخرى وانشقاق حزب الوفد المصري الى احزاب عدة كحزب الكتلة الوفدية والسعديين وانشقاق حزب الدستور التونسي الى حزبين جديد وقديم وانشقاق حزب البعث الى عدة احزاب تحمل نفس الاسم وانشقاق القوميين الاشتراكيين والقوميين العرب الى بضعة احزاب وانشقاق حزب الشعب التركي الخ… واسباب الانشقاق كثيرة منها عدم وضوح الفكرة لدى العاملين والقياديين بصورة خاصة مما يحدث اختلافا في تفسير القضايا عند سير العمل وهذا يحدث في الاحزاب المنهجية اكثر مما يحدث في الاحزاب المبدئية بسبب نقص المنهج لكثير من القضايا الحياتية.ومنها عدم وضوح العمل التنظيمي والحزبي فتتكرر الاختلافات وتتعمق وتكون القيادة غير حكيمة او مصابة بداء الغرور ولا تعترف بميزة اصحاب الاختصاص والكفاءة داخل القيادة. ومنها طموح شخصي للقيادة تحول دونه عقبات فيلجأ للانشقاق، ومنها موت القائد البارز في الحزب او القيادة البارزة فيرى بقية الاعضاء انفسهم متساوين ولا يخضع احدهم للآخر الخ…

    ومن امراض الاحزاب الورم الحزبي، ويكون الورم ظاهرة بارزة في الاحزاب التي تتسلم السلطة فيدخل الناس في الحزب للحصول على مكاسب. او عندما تحمل الاحزاب المكافحة شعارات يستسيغها الناس فتندفع الجماهير المقهورة لتأييد القيادة التي ترفع الشعار المطلوب.

    ومن امراض الاحزاب الجمود، فالجمود العقائدي ان يفهم الحزب النصوص فهما ناقصا ويطبقها تطبيقا خاطئا وينصب اهتمامه على الشكل دون المضمون وتكون الافكار حاجزا دون فهم الوقائع. والجمود السياسي هو التقصير عن فهم متغيرات الاوضاع السياسية المحيطة بالحزب داخل المنطقة فيكون تحركه بطيئا او يبقى واقفا في مكانه يدور في حلقة مفرغة. والجمود التنظيمي هو حصر الصلاحيات العملية في قيادة الحزب فيقصر استيعاب حجم العمل عندما يكبر وتجمد حركة الحزب لعدم قدرة القيادة على الاستيعاب. وأحيانا يصيب الحزب جمود تنظيمي نتيجة الظروف القاسية التي تحيط به الخ…

ضرورة العمل الحزبي للاسلام

حينما نطرح السؤال الفقهي: هل يجب العمل الحزبي لتطبيق الاسلام؟

ينبغي ان نوضح المقصود بالعمل الحزبي. فعلى الرغم من ان مفهوم الحزب مفهوم ايجابي في القرآن وقد سمي به المسلمون أُولَـٰئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٢٢﴾ فان مفهوم التحزب والاحزاب مكروه عند اكثر الناس في مجتمعاتنا او غير مستحب لأنه مرتبط في اذهانهم بفئات تتصارع على الزعامات والسلطة وترتبط بالاستعمار. فالاحزاب التي انشأها المستعمر والمتأثرون به اعطت هذا الانطباع عن العمل الحزبي بسبب مفاهيمها وسلوكها وفشلها، في حين العمل الحزبي في غير العالم الثالث طبيعي ومقبول، ففي العالم الرأسمالي من الطبيعي ان يوجد في المجتمع اتجاهات فكرية وسياسية يتبناها الناس ويؤيدونها بشكل منظم فيكوّنون حزبا. وفي العالم الشيوعي من الطبيعي ان يحكم اتجاه معين ويسيطر ويستوعب الناس بتنظيمه الحزبي.

ان العمل الحزبي للاسلام ليس كالعمل الحزبي الضيق السائد في العالم الثالث ولا كالعمل الحزبي في البلاد الاستعمارية لانه يختلف عنها في العقيدة والهدف. بل هو (تكتل العاملين للاسلام في جماعة منظمة تعمل بالاسلام وللاسلام بفعالية مؤثرة على المجتمع ضمن خطوط فكرية وعملية واضحة توصلهم الى الهدف المنشود) وهو نفس التنظيم الذي أقامه رسول الله ﷺ للدعوة الى الاسلام واقامة دولته، لايختلف عنه الا في مقتضيات العصر التي لا تتنافى مع الاسلام والا بالقيادة العادلة غير المعصومة في مقابل قيادته المعصومة.

بعد هذا التوضيح: هل يجب العمل الحزبي لاقامة حكم الاسلام أم لا؟

ان الجواب الفقهي بالايجاب يتوقف على اربع مقدمات:

المقدمة الاولى: وجوب العمل لتطبيق الاسلام. وهي مقدمة متحققة لأن الاسلام بالتعبير الفقهي هو مجموع التكاليف الالزامية والترخيصية التي انزلها الله عزوجل على رسوله محمد ﷺ ولا اشكال في وجوب امتثال الاحكام الالزامية وتطبيقها بحكم الادلة واجماع الفقهاء بل اجماع المسلمين اذا احتاج الامر الى اجماع.

والادلة هي:

  1. حكم العقل بأن الغرض من تنزيل هذا الدين الكامل الشامل ان يطبق على حياة الناس والا كان تنزيله عبثا تعالى الله عن ذلك.

  2. ان الاسلام قد نص على وجوب تطبيق احكامه قال تعالى شَرَ‌عَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَ‌اهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّ‌قُوا فِيهِ ۚ وغيره من النصوص.

  3. ان كل خطاب الزامي بواحد من احكام الاسلام يدل على وجوب امتثاله وتطبيقه وبالنتيجة يجب تطبيق مجموع الاحكام.

  4. سيرة النبي والائمة عليهم السلام في العمل والجهاد المتواصل لاقامة الاسلام وتطبيق احكامه على شؤون الحياة كافة. وكفى بسيرتهم دليلا على الوجوب.

المقدمة الثانية: ان لا يختص هذا الوجوب بزمان او مكان او اناس بل يشمل كل زمان ومكان حتى يرث الله الارض ومن عليها. وهذه المقدمة متحققة ايضا ضرورة أن احكام الاسلام لم تنسخ ولم ترفع عن جيل من الناس. قال تعالى هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَ‌سُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٢﴾ وَآخَرِ‌ينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٣﴾ وفي الحديث الشريف:

”حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة“.

المقدمة الثالثة: ان يتوقف هذا الوجوب ـ تطبيق احكام الاسلام ـ على مجتمع ودولة، وهذه المقدمة متحققة ايضا لأن احكام الاسلام لاتقتصر على السلوك الشخصي وانما تشمل احكام المجتمع والدولة، بل ان تطبيق الاحكام الشخصية على الوجه الكامل لايتحقق الا في مجتمع ودولة.

المقدمة الرابعة: ان يكون العمل الحزبي للاسلام واجبا تكليفيا او مقدمة مفوتة لواجبات تكليفية. فالفقيه الذي يرى ان ادلة لزوم جماعة الاسلام وحرمة الخروج عنهم قيد شبر وان جماعة الاسلام اهل الحق وان قلـُّوا.. تدل على وجوب العمل الحزبي للاسلام، يفتي بوجوب العمل الحزبي وجوبا تكليفيا. اما الفقيه الذي لا يرى دلالة هذه الادلة وامثالها على الوجوب فلا يفتي بوجوب العمل الحزبي الا من باب المقدمة المفوتة أي التي يفوّت تركها امتثال الواجب فيقول: اذا كان العمل الحزبي مقدمة لتطبيق احكام الاسلام فهو واجب. ووجوبه تعييني اذا انحصر تطبيق الاسلام به وتخييري اذا لم ينحصر. واذا لم يكن مقدمة اصلا فهو حلال بأصالة الحل مالم يطرأ عليه عنوان يوجب تحريمه.

ولا يحدد الفقيه بصفته فقيها هل ان العمل الحزبي مقدمة مفوتة أم لا. لأن مقدمية المقدمات ليس حكما شرعيا ليقع في دائرة استنباط الفقيه بل هو موضوع لحكم شرعي يقع في دائرة استنباط المكلف وعليه ان يتحقق من ذلك ويعمل وفق اعتقاده، ورأي الفقيه بمقدمية العمل الحزبي او عدم مقدميته لا يصدر عنه بصفته فقيها بل بصفته عارفا بالمجتمع وظروفه والطريقة النافعة في تغييره، وهو كرأيه في مقدمية طريق معينة الى مكة المكرمة بصفته عارفا بالطرق البرية والبحرية والجوية الموصلة وغير الموصلة. ان رأي الفقيه في مقدمية المقدمات وعدمها ليس حجة على المكلف ولا ينفعه كحكم شرعي بل كرأي أحد العارفين بالموضوعات الذي قد ينفع في تكوين القناعة او لا ينفع.

ولذلك لا بد للمسلم اذا لم يستند الى فتوى بالوجوب التكليفي للعمل الحزبي ان يعتقد انه مقدمة لتطبيق احكام الاسلام ليكون واجبا تعيينيا او تخييريا او يعتقد بأنه ليس مقدمة ولا يوجد عنوان آخر يخرجه عن اصالة الحل.

ولكي نعرف ان تطبيق احكام الاسلام منحصر بالعمل التنظيمي الحزبي نستعرض مواقف المعارضين والمترددين في ضرورة العمل الحزبي للاسلام وهم اقسام:

فمنهم القائلون بأنه يوجد البديل عن العمل الحزبي وان تغيير المجتمع واقامة حكم الاسلام لا يتوقف على الحركة الاسلامية ذات الشكل التنظيمي الحزبي فهناك حركة المرجعية، فالمرجع الديني الاعلى بما له من ثقة واحترام راسخين في الامة وبوكلائه العلماء الذين حوله والمنتشرين في الامة وبما يجتمع لديه من اموال الحقوق الشرعية يستطيع ان يقود حركة تغيير المجتمع بالاسلام في مراحلها الفكرية والسياسية والحكمية.. والجواب:

ان حركة المرجعية من اهم الظواهر الايجابية الجيدة التي يتميز بها المسلمون الشيعة والتي يجب دعمها وتطويرها وزيادة فعاليتها، فهي الحركة الفقهية الدينية الوحيدة بين المسلمين التي أبقت باب الاجتهاد مفتوحا، وقد حافظت على استقلالها عن الكيانات الظالمة بشكل عام، وكان لها مواقف جهادية مشرفة ضد الاستعمار.

اننا لو تفحصنا هذه الظاهرة وظروفها الموضوعية والشروط المطلوبة لنجاحها في دورها الاسلامي المطلوب حاضرا ومستقبلا، لأدركنا ان فعاليتها تتوقف على ان تكون عملا تنظيميا حزبيا او مستندة الى عمل تنظيمي حزبي، وذلك لعدة امور:

  • الامر الاول: الجهود المتواصلة التي تتطلبها حركة المرجعية لانشائها واستمرارها من قبل المرجع واخصائه. فمركز المرجعية لا يأتي للشخص الكفوء بدون جهد ولا يأتي الا بشكل تدريجي ومن خلال الجهود لكسب ثقة جمهور المقلدين وخاصة ثقة مفاتيح التقليد من العلماء ووجهاء المتدينين الذين يستطيعون ارجاع الناس الى تقليد هذا العالم او ذاك، والجهود لتحصيل الاخماس والزكوات والتبرعات اللازمة للصرف على الطلبة والعلماء وشؤون المرجعية، مضافا الى الجهد الذي تستهلكه الخصومات والمنافسات المرجعية الحادة، فجمهور المرجعية وهم المتدينون في العالم الشيعي مقسمون بين عدة مرجعيات متنافسه ومن اكبر المشاغل للمرجع والعاملين معه تركيز مرجعيته والدفاع عنه وكسب الثقة له. وهذه الجهود التي يضطر المرجع واخصاؤه لهدرها كثيرا ما تكون على حساب عملهم لتغيير الناس بالاسلام، وتشكل في بعض الحالات صارفا لهم عن عمل الدعوة.

  • الامر الثاني: ان المرجعية الواعية اذا طرحت نفسها بهدفها التغييري وبالصورة المطلوبة التي تمكنها من أداء دورها فانها تصطدم بعقبات واخطار لاتختلف كثيرا عن العقبات التي يصطدم بها التنظيم الحزبي فيما لو تخلى عن سريته واعلن نفسه في المرحلة الاولى. فالمرجعية بهذه الصيغة تثير السلطات والاستعمار الذين يعملون على ضرب المرجعية التقليدية وتشتيتها واحتوائها فكيف بالمرجعية التغييرية الواعية، وهي بهذه الصيغة ايضا لا تكون مقبولة عند جمهور المقلدين الذين غالبيتهم من المتدينين غير الواعين. فلا بد لحركة المرجعية المقصودة اذن ان تطرح نفسها بصيغة مقبولة للناس والسلطات وتعمل في تغيير المجتمع بالتدريج والتقية حتى اذا تركزت وقويت ركزت صيغها التغييرية الواعية.

    ولكن هذا الاسلوب على تقدير صحته أساس كأسلوب دعوة الى الاسلام هو أسلوب نظري يقوم على تصور ان الحاجة الى السكوت عن طرح الحقيقة الاساسية التغييرية في الاسلام لمراعاة المقلدين وعدم اثارة السلطات حاجة مرحلية تنتهي عند زمن معين وان باستطاعة المرجع اذا ثبت اقدامه بهذا الاسلوب ان يجاهر الناس يوما بحقيقة الاسلام التغييريةأي بألوهية الله وحاكميته في جميع الشؤون والدعوة الى ذلك، وان يدخل مئات الالوف من المسلمين في العمل التغييري بفتوى واحدة ولكن الحاجة التي بررت السكوت عن مجاهرة الناس بحاكمية الله عزوجل ستبقى قائمة بل ستتفاقم، فالمرجعية ستكبر بالتدريج وتكبر معها حسابات مكاسبها وخسائرها وتكبر مبررات السكوت والمراعاة وعدم الاثارة.

    ان المرجع بحكم الظروف الموضوعية القائمة في المرجعية والسلطات والأمة لا يستطيع ان يخفي شخصيته وخط عمله التغييري للاسلام وسيضطر بحكم المنعطفات والمفترقات والخيارات الحدية في سيره اما الى تحمل تبعات الخط التغييري من السلطات والناس واما الى التنازل عن هذا الخط بالتدريج.

  • الامرالثالث: ان حركة المرجعية مع ما تكلف من جهود شاقة ومهما توفرت لها عناصر الوجود والفعالية في الامة سرعان ما ينهار بناؤها بمجرد موت المرجع ويتفرق جمهورها الى المرجعيات الاخرى التي تبدأ بعدها من الصفر او تكون قد بدأت من الصفر.

    ان المرجعية ما لم تكن تنظيما حزبيا او مستندة الى تنظيم حزبي فليس باستطاعتها ان تكون جهازا ومؤسسة تحافظ على فاعليتها وجمهورها مع تبدل شخص المرجع وستبقى المرجعيات تبدأ من الصفر وتنتهي بالموت فجأة وتبقى العوامل والمقاييس الدنيوية لا الاسلامية صاحبة تأثير كبير في انشاء المرجعية وتركزها.

هذه الامور تجعل حركة المرجعية في احسن حالاتها حركة اصلاحية تبذل جهدها في بناء نفسها وفي توعية الامة توعية عامة متحاشية تبعات التغيير وطريق ذات الشوكة وتنتهي فاعليتها بموت المرجع. ومثل هذا العمل لا يكون بديلا عن العمل التنظيمي التغييري.١

ومنهم القائلون بأن العمل الحزبي للاسلام يجب ان يكون بقيادة الفقيه الذي بلغ رتبة الاجتهاد أو بارادته ورأيه لأن له الولاية العامة على المسلمين.

وجواب هذه الشبهة ان الولاية العامة للمجتهد لا تختص بالاعلم بل تشمل كل مجتهد فاذا وجد في قيادة العمل الحزبي مجتهد يكون العمل نافذا ولا يقدح فيه بعد ذلك اعمال الولاية من مجتهد آخر. لأن اعمال الولاية المتأخر لا ينقض الاعمال المتقدم من مجتهد آخر.

هذا وستصدر الدعوة بحثا فقهيا موسعا في وجوب العمل المنظم وولاية الفقيه…

ومنهم القائلون بأن البديل عن العمل الحزبي للاسلام التوعية العامة كنشاط المساجد والمكتبات والجمعيات والمدارس والمؤسسات والمؤلفات الخ…فهم يتصورون ان هذه الجهود تغير المجتمع وتصل به الى التطبيق الكامل للاسلام. لكن تغيير المجتمع ليس بمثل هذه السهولة، فهذه المؤسسات اصلاحية بشكل عام ومشتتة ومتنافسه واكثرها عاجز عن تحقيق اهدافه الاصلاحية، واقواها ماكان مستندا الى حركة تنظيمية تغييرية، هذا فضلا عن اضطرارها بحكم كونها مؤسسات معلنة الى مراعاة السلطة التي تملك اغلاقها في أي وقت تشاء، ويتزايد هذا الاضطرار تبعا لاهيمة تأثير المؤسسة في الامة.

ان هذه المؤسسات تصلح أن تكون واجهات للعمل التنظيمي التغييري لا ان تكون بديلا عنه.

ومنهم القائلون بأن العمل الحزبي للاسلام حلال في الشريعة بحكم أصالة الحل ولكنه نظرا للظروف السياسية القائمة في الامة محرم وذلك لخوف الضرر وخوف الاحتواء، فان اجهزة الاستعمار والسلطات المسيطرة لا تسمح بعمل حزبي الا اذا كان مسيرا من قبلها خاصة اذا كان عملا ينطلق من عقيدة الامة ويجسد آمالها.

والجواب: ان الدعوة للاسلام بما انها دعوة الى تغيير أسس المجتمع ومؤسساته فان خطر الاحتواء والاضطهاد يواجهان كل من يدعو بها في كل زمان ومكان ولا يختصان بالعمل الحزبي ولا بالظروف القائمة في زمننا. قال تعالى وَكَمْ أَرْ‌سَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ ﴿٦﴾ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٧﴾ وقال تعالى ”وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِ‌مِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَ‌بِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرً‌ا ﴿٣١﴾ وقال تعالى وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِ‌يَ عَلَيْنَا غَيْرَ‌هُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴿٧٣﴾ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْ‌كَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴿٧٤﴾ وقال تعالى وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴿٩﴾ وقال تعالى ”لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَ‌كُوا أَذًى كَثِيرً‌ا ۚ وَإِن تَصْبِرُ‌وا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ‌ ﴿١٨٦﴾ وقال تعالى وَدَّ كَثِيرٌ‌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُ‌دُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارً‌ا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ وقال تعالى وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُ‌دُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ فكل عمل للاسلام لا بد ان يواجه أهله خطر الاحتواء من اعدائه بالثبات على الاسلام وعدم الانحراف وخطر الاضطهاد بالاستعانة بالله عزوجل والصبر على البلاء والاذى في سبيل الله. ولا يختلف العمل الحزبي للاسلام عن غيره الا بأنه اقدر على مواجهة هذين الخطرين لأن احتواء الحزب أصعب من احتواء الافراد وتحمل الحزب أكبر من تحمل الافراد خاصة اذا كان تنظيمه سريا ولم يستطع الاعداء اكتشاف كل اعضائه وهيئاته.

فاذا كان التحريم المدعى خاصا بالعمل الحزبي للاسلام فلا وجه له، وان كان عاما لكل من يدعو الناس الى عبادة الله عزوجل وحده واقامة أحكامه ونبذ عبادة من دونه بحجة ان دعوته هذه مظنة الخطر والاحتواء فهو كما ترى.

ومنهم اليائسون يأسا سياسيا من نجاح الدعوة الى الاسلام او من تأثيرها بسبب قوة اعداء الاسلام وقوة سيطرتهم وانصراف الناس عن الاسلام وجواب هؤلاء يكون بتصحيح نظرتهم الى حقيقة ميزان القوى بين دعاة الاسلام الذين يمثلون قوة الله عزوجل مهما ضعفوا وقلوا وبين اعدائهم الذين مثلهم كمثل العنكبوت اتخذت بيتا مهما كثروا وقووا، وان هذه سنة الله التي جرت في من دعا بدعوته وفي من ناوأهم وكذبهم الى يوم الدين.

ومنهم اليائسون يأسا شرعيا من نجاح الدعوة وتأثيرها مستندين الى احاديث تخبر بعدم قيام دولة للاسلام قبل دولة الامام المهدي عليه السلام او تنهى عن نصب الراية والدعوة الى اقامة دولة قبل رايته.

وجواب هؤلاء: ان هذه الاحاديث المدعاة لو سلمنا صحة سندها ودلالتها وعدم معارضتها بأحاديث اخرى فهي لا تشمل عصرنا ولا ترفع عنا مسؤولية العمل للاسلام لأنـَّا لا نملك دليلا على نسخ او رفع شيء من احكام الاسلام في غيبته عليه السلام، فتكاليف الاسلام والدعوة الى اقامتها ثابتة في اعناقنا سواء نجحت الدعوة قبل ظهوره عليه السلام او على يده، وسواء نفع عملنا في التمهيد لدولته او لم ينفع، وسواء أثر في الناس أو لم يؤثر.

  1. ملاحظة: هذه المقارنة بين اسلوب العمل التنظيمي الحزبي وبين اسلوب المرجعيات القاعدة او الاصلاحية لايرد بالنسبة الى المرجعية الثورية كمرجعية الامام الخميني دام ظله، فبالاضافة الى انها مدرسة متكاملة في تحديد المرجعية والقيادة الاسلامية للامة، فقد اعتمدت في الثورة على التنظيمات المختلفة الموجودة والمستجدة في الامة، كما قام في ظلها تنظيم حزبي واسع هو ”الحزب الجمهوري الاسلامي“. ^