صور عملية من القرآن

صدر في عام ١٣٩٤ هجري

التقوى

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ‌ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ‌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿١٨﴾ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿١٩﴾

الملاحظات:

  1. التقوى التي يؤكد الله عليها هي الحذر من مخالفة أوامره ونواهيه. والتقي هو الذي يشعر بثقل المسؤولية ويخاف التقصير فيها، لأن التقصير يعني عقاب الله عزوجل وغضبه.

  2. ركز سبحانه في الآية الاولى على ضرورة التقوى فأمر بها مرتين من خلال ثلاث حقائق متنوعة تتصل بها مما أعطى للآية تأثيرا عقليا وعاطفيا خاصا:

    بدأ عزوجل بنداء الايمان الذي يستلزم التقوى.

    ثم أمرنا بالتقوى.

    ثم طلب من كل واحد منا ان ينظر ليوم غده يوم الحساب.

    ثم أمرنا بالتقوى.

    ثم الفتنا الى ان سلوكنا تحت رقابته.

  3. ركز سبحانه في الآية الثانية بأسلوب الهي على ضرورة التقوى فحذرنا ان تقل فينا التقوى الى ان تزول فننسى الله فننسى أنفسنا ونخسرها، كما حدث لأقوام في التاريخ.

  4. التقوى كأكثر الصفات النفسية صفة متفاوتة، فقد يكون الانسان متقيا في حالة وغير متق في حالة، وقد يكون متقياً في جانب من سلوكه وغير متق في الجانب الأخر، وقد يكون قوي التقوى لا تؤثر عليه المؤثرات، وقد تكون تقواه ضعيفة تزول من اول مؤثر.. كل ذلك تبعا للجهد التربوي الذي نبذله على انفسنا وما يمن الله علينا من قوة وتوفيق. وصاحب التقوى الواسعة القوية يسمى (تقيا).

  5. من الامور النافعة في تنمية ضمير التقوى في نفس الداعية:

    • الدعاء بأن يعينه الله على التقوى.

    • ان يؤكد لنفسه هدفه من حياته.

    • ان يستذكر ايمانه وهدفه عندما يتعرض للمعصية.

    • ان يؤكد في نفسه الشعور برقابة الله في كل حالاته.

شهوات الدنيا الست

”زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ‌ الْمُقَنطَرَ‌ةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْ‌ثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴿١٤﴾ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ‌ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَ‌بِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِ‌ي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ‌ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَ‌ةٌ وَرِ‌ضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ بَصِيرٌ‌ بِالْعِبَادِ ﴿١٥﴾

الملاحظات:

  1. معنى تزيين شهوات الدنيا انـَّا نراها اكبر من واقعها وننجذب اليها اكثر مما تستحق. والسبب في ذلك اولا طبيعتنا التي ابتلانا الله بها، وثانيا ذنوبنا التي تضاعف من تزيين الشهوات.

  2. يلاحظ ان التعداد في شهوات الدنيا تسلسل من الاشد الى الاضعف بينما تسلسل في نعيم الآخرة من الاصغر الى الاكبر، مما يشير الى ان اقل نعيم في الآخرة افضل من اكبر شهوات الدنيا.

  3. يلاحظ ان اربعا من شهوات الدنيا ذكرت مطلقة وان اثنتين منها ذكرتا موصوفتين، مما يلفت الى ان شهوة جمع المال لا تقف عند حد، وان شهوة وسائل النقل تتمركز في النوعية كما هو الحال في أنواع الخيل تاريخيا وفي موديلات السيارات حاليا.

  4. التقييم القرآني لشهوات الدنيا انها: متاع الحياة الدنيا. وكلمة متاع تعني من ناحية ان هذه الشهوات محدودة المدة، ومن ناحية ان نوعيتها عادية لانها لسد الحاجة فقط.

  5. على الداعية ان يقوم في نفسه بمراجعتين:

    • الاولى: مراجعة حبه لشهوات الدنيا والحد منه اذا كان اكثر مما ينبغي.

    • الثانية: مراجعة حبه لنعيم الآخرة ورغبته فيما عند الله وتصعيده اذا كان اقل مما ينبغي.

المسارعة الى امر الله

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُ‌وا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْ‌ضِ ۚ أَرَ‌ضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَ‌ةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَ‌ةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴿٣٨﴾ إِلَّا تَنفِرُ‌وا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَ‌كُمْ وَلَا تَضُرُّ‌وهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‌ ﴿٣٩﴾

الملاحظات:

  1. الآيتان استنكار شديد وتحذير من التباطؤ عن الجهاد، ويفهم من ذلك التحذير من كل تباطؤ في تنفيذ اوامر الله.

  2. المتباطئون عن اداء واجبهم الاسلامي مشدودون الى الارض بحطامها.

  3. يلاحظ تعبير (انفروا)و (اثاقلتم) التصويريين.

  4. ما دمنا مؤمنين بالله واليوم الآخر فلا سبب لتثاقلنا اذاً الا تفضيل الحياة الدنيا على الآخرة، وهذا يخالف اعتقادنا في قيمة كل منهما.

  5. مسيرة الدعوة الاسلامية مستمرة والخطة الالهية لتنميتها ونصرها مضمونة، فاذا تباطأنا عن أداء واجباتنا فيها:

    يعذبنا بذنوبنا

    ويستبدل بنا غيرنا من الاكفاء

    ولا يضره ذلك شيئا سبحانه وتعالى.

  6. على الداعية ان ينمي في نفسه روح المسارعة والمبادرة الى الواجب:

    • بالفهم الحقيقي للحياة الدنيا والآخرة.

    • بشعوره عند الواجب انه ينهض لتنفيذ امر الله.

    • بحذره عند التثاقل من ان يغضب عليه الله ويعذبه ويستبدل به غيره اعاذنا الله.

الشكل والمضمون في اختيار الزوج

وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِ‌كَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ‌ مِّن مُّشْرِ‌كَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِ‌كِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ‌ مِّن مُّشْرِ‌كٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ‌ ۖ وَاللَّـهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَ‌ةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُ‌ونَ ﴿٢٢١﴾

الملاحظات:

  1. اول ما يهتم به الناس في اختيار الزوج الجمال المظهري ـ الجسدي واول ما يهتم به الاسلام الجمال الجوهري ـ الايمان.

  2. مقياس الشخصية عند الناس المال والجمال والمركز وبعض الصفات النفسية ومقياس الشخصية في الاسلام الفكر والشعور والسلوك والايمان والعمل الصالح أولا.

  3. المشركون الجميلون يدعون الى النار فهم اشرار وجمالهم زائف. والمؤمنون جميعا يدعون بدعوة الله الى الجنة والمغفرة، وهذا سرنورهم وجمالهم.

  4. يلاحظ في النص الكريم:

    • مع ان موضوع النص المقارنة بين المشرك الجميل والمؤمن الدميم فقد جعل عزوجل طرف المقارنة المؤمن المملوك فكانت المقارنة ابلغ واكرم.

    • في المقارنة بين ما يدعو اليه الطرفان ذكر سبحانه ان المشركين يدعون الى النار ثم وضع نفسه عزوجل طرفا لان دعوة المؤمنين الى الجنة والمغفرة دعوته والمؤمنون نائبون عنه باذنه عزوجل.

    • جعل عزوجل هذا التقييم الحقيقي للطرفين من آياته ودعا الناس الى تذكرها والايمان بها.

  5. خلاصة عملية:

    • نرفض تقييم الناس لبعضهم بالامور الشكلية وندعوا الى تقييم الناس بالايمان والعمل الصالح.

    • اول ما يهمنا في الزواج الايمان ثم لا مانع من الاهتمام بالجوانب الاخرى في حدود ما يسمح به الاسلام.

الذين حق عليهم القول

يس ﴿١﴾ وَالْقُرْ‌آنِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْ‌سَلِينَ ﴿٣﴾ عَلَىٰ صِرَ‌اطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٤﴾ تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّ‌حِيمِ ﴿٥﴾ لِتُنذِرَ‌ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ‌ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴿٦﴾ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِ‌هِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٧﴾ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ ﴿٨﴾ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُ‌ونَ ﴿٩﴾ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْ‌تَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْ‌هُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٠﴾

الملاحظات:

  1. يوجد فئة من الناس لا يمكن ان يستجيبوا لدعوة الاسلام، لأنهم بسبب اعمالهم استحقوا الضلال فجعل الله صدرهم ضيقا حرجا.و يسمى هؤلاء (الذين حق عليهم القول) اي العقاب الالهي. وقد كانوا اكثرية مجتمع الجزيرة الذي بدأ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيه الدعوة، وهم اليوم موجودون في مختلف المناطق.

  2. الانحرافات النفسية والسلوكية التي تمنع هؤلاء من الايمان تتخذ شكلين: شكل قيود ثقيلة في اعناقهم تصل الى اذقانهم فترفع رؤوسهم وتشغلهم بثقلها عن الحق. وشكل سدود من ورائهم وامامهم تعميهم عن روية الحق.

  3. ما دام القانون الالهي في الهداية والضلال عاملا في الناس فلا بد ان يكون للدعوة اعداء من هذا النوع المثقل بالقيود والاعمى عن الرؤية الذي لا يؤثر فيه الانذار والتخويف من المسؤولية، واعداء من انواع اخرى اقل اثقالا وعمى.

    فعلى الدعوة ان تدرك هذه الحقيقة وتستعد للصراع مع اعدائها حسب نوعياتهم وحسب مراحلها.

  4. على الداعية ان يتحرى الدقة في تصنيف الناس، وان يتعلم من اصابته واخطائه في التصنيف.

    فهناك المؤمنون، والمأمولون، والميؤوس منهم (حق عليهم القول) وهناك مجهولوا الحال.

لماذا عبادة الله دون غيره

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَ‌بَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْ‌ضَ فِرَ‌اشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَ‌جَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَ‌اتِ رِ‌زْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّـهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٢﴾

الملاحظات:

  1. تضمن النص الكريم ثلاثة اسباب لاطاعة الله وعبادته سبحانه وتعالى:

    • اعبدوا ربكم، الذي يربيكم لما فيه خيركم، فهذا سبب من حيث الهدف.

    • الذي خلقكم والذين من قبلكم، فأنتم ومن قبلكم من صنعته وعمله، وهذا سبب من حيث الملكية.

    • الذي جعل الارض فراشا الخ.. فهو الذي صمم بناء الارض والجو لحياتكم، وهذا سبب من حيث الرحمة.

  2. فلا تجعلوا لله اندادا، أي اشباها. فمن الذي يشبه الله في تهيئة وجودكم للهدف الكبير؟ ومن يشبه الله في خلقه لكم وللاجيال السابقة والآتية؟ ومن يشبه الله في بناء الارض والسماء لخدمتكم؟ فمن الظلم والحمق ان تجعلوا لله اندادا.

  3. عبادة الله بمعنى اطاعته وحده، من القضايا البديهية الواضحة. فأمام قدرته ورحمته عزوجل تتلاشى كافة المعبودات المزعومة. وامام جلالة منطقية التوحيد تندثر كل سفسطات الشرك.

  4. الانداد المعبودة في عصرنا: المسيح والعزير ويحيى وعلي عليهم السلام وبوذا وكنفوشيوس وزرادشت والبابا والحاخام وكهان الوثنيين والنجوم والحيوانات وماركس ولينين والمجالس التشريعية في كل دول العالم وقيادات الاحزاب والحركات والزعامات غير الاسلامية.

  5. دعوة الاسلام دعوة الى التحرر من اثقال الانداد وذلها وخزيها واثمها، والفوز باطاعة من بيده الخير والهدى وملكوت كل شيء عزوجل.