الأدب الحزبي الاسلامي
هدف الادب الحزبي الاسلامي:
-
أ. تصوير الحياة الاسلامية بأبعادها الايمانية والاخلاقية والاجتماعية والسياسية وكافة العلاقات الانسانية.
-
ب. اختيار صور من كفاح المسلمين في سبيل دينهم كما كان في الماضي وكما هو اليوم وكما سيكون غدا.
-
ج. تصوير المآسي التي يعيشها المسلمون تحت ظل الاستعمار الكافر البغيض وعملائه، وتحت ظل المظالم التي تهيمن على المسلمين في كل مكان.
ويستعمل الاديب الحزبي لهذا الهدف وسائل التعبير المختلفة من نثر فني وشعر بمختلف اشكاله المألوفة، ويصب تعبيره في قصيدة طويلة او قصيرة او قصة طويلة او قصيرة او مسرحية او مقالة صحفية او مقطوعة ادبية او غير ذلك مما هو مألوف او مبتكر مستساغ.
وأسلوب الاديب الحزبي يكون اسلوبا يثير مشاعر العاملين في سبيل الله وينمي تصوراتهم للحياة الحزبية وتصوراتهم لمستقبل الحياة الاسلامية ويؤثر على مشاعر المسلمين ويحرك احاسيسهم الخيرة ويقربهم نحو العمل الاسلامي.
منطلق الادب الحزبي:
لا ينطلق الاديب الحزبي الاسلامي من الخيال وان كان يستخدم الخيال في ادبه، ولا ينطلق من فلسفات طوبائية عشعشت في أذهان المفكرين وتسربت الى أقلامهم، وانما ينطلق من منطلقين يتآلفان في ذهنه بانسجام لا تناقض فيه وهما:
-
الاسلام
-
الواقع
ان النفس الانسانية تتأثر بالفكر كما انها تتأثر بالواقع وليس صحيحا ان الفكر هو الاصل كما يقول المثاليون ولا ان المادة هي الاصل كما يقول الماديون بل ان الله سبحانه خلق الكون والحياة والانسان وخلق في الانسان فكرا وجعله يتأثر بالفكر كما يتأثر بالواقع المعاش. وتبعا للتأثر بالفكر يكون تفسير الواقع. وكمثال: ان استنكار اضطهاد المسلمين في العراق او قبوله يرتبط بالفكر الذي نؤمن به ونفسر به هذا الاضطهاد، فقد نفسر هذا الواقع بأنه امتثال العملاء لأمر الاستعمار او نفسره بأن النظام نظام بوليسي يضطهد الحريات او نفسره بأنه نظام تقدمي يحارب المسلمين لانهم رجعيون. فتفسير الواقع يتلاءم مع الفكر الذي نحمله او نتأثر به.
المنطلق الاول القرآن:
ينبغي ان يكون القرآن المصدر الاول الذي يتأثر به الاديب الحزبي فالبيان القرآني يصحح السليقة ويوجه التعبير، والقصص القرآني يوحي بمواضيع للكتابة الادبية الحزبية. وعندما تتأثر النفس الانسانية بالآيات القرانية ترفعها الى آفاق جديدة لا يعيشها الا من يمر بتجارب مماثلة. والنثر في القرآن يمكن ان يدخل في النثر الادبي او في الشعر فتنير الآية القرآنية المقطوعة الادبية كما ينير المصباح المكان المظلم ويعطيها زخما ادبيا معنويا واشراقا في النفس وتأثيرا عميقا. ويكتشف الاديب المؤمن خلال تلاوته للقرآن آفاقا للنفس الانسانية وجوانب من الحياة تكون مصدرا من مصادر الابداع الادبي.
ان القرآن الكريم كنز للادب الحزبي الاسلامي لا تدرك أبعاده، يغترف منه الانسان فتنفتح أمامه الابواب وكلما ولج بابا اتسعت آفاق الرؤية الانسانية امامه وتحددت فيرى ما يبهر النفس ويغنيها. الرَّحْمَـٰنُ ﴿١﴾ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴿٢﴾ وحسبنا ذلك.
وللقرآن اتباع ومتابعتهم توصل الى اسراره: سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسيرة الائمة عليهم السلام ونهج البلاغة والصحيفة السجادية فهي توابع للقرآن ومفاتيح لكنوزه، انها عوالم خالدة لابد لمن يريد ان يعطي ادبا حزبيا ان يدرسها ويعيش معها وتسكن في نفسه. والتاريخ الاسلامي مليء بما يثير النفس ويهيج كوامنها، تاريخ الدعوة الاولى ودعاتها، تاريخ الجهاد الاسلامي، جهاد الكفار، جهاد الحكام الظالمين.. ان تاريخ المسلمين الناصع مصدر من مصادر كتابة الادب الحزبي، وطراز الحياة الاسلامية كواقع عشناء في أيام الاسلام وكأمل نريد تحقيقة.. كذلك مصدر من مصادر الادب الحزبي.
المنطلق الثاني، الواقع:
الواقع بالنسبة للاديب الحزبي هو صراع بين قوى التغيير النامية وبين عوامل الركود والتخلف وعلى رأسها الاستعمار وعملاؤه. وهو صراع لتحقيق العدالة الالهية في الارض، صراع من أجل هداية الناس كل الناس ورفع ظلم بعضهم عن بعض وعبادة بعضهم لبعض.
ومن الواقع ينتزع الاديب الصور، من العوالم التي يعيشها او يعيش تحت تأثيرها، وكمثال:
عالم حكام المسلمين غني بصور الظلم واضطهاد الانسان وتعذيب العاملين في سبيل الله وقتلهم، وصور الانغماس بالترف والكسب الحرام والاثراء على حساب الشعوب المسلمة. عالم محاط بالجهل، منساق بالتبعية للاجنبي الكافر تتجاذبه مشاعر القلق من جراء الوقوع بين كمَّاشتي الاستعمار ومشاريعه ومطامح الناس وآمالهم ومشاعر الدعة وحياة التفاهة.. هذا عالم قائم بذاته.
وعالم آخر، عالم النشاط الحزبي وهو غني بالصور الفنية التي تثير المشاعر. صور السعي بين الناس لنشر الفكر وبث الوعي. صور تغير النفس الانسانية من حالة الجاهلية الى الاسلام، من حالة الركود واليأس واللامبالاة الى حالة الحركة والابداع والامل. صور التحفز الشعبي وعدم الرضا بالواقع السيء كمقدمة لتقبل التغيير في الحياة. صور اثارة الجماهير وتحريكها. صور ردود الفعل لدى الاستعمار وعملائه من التحرك الاسلامي. صور الملاحقات البوليسية والاضطهاد والسجون والتعذيب والزنزانات. صور الاستشهاد بجانبها المظلم لاعداء الاسلام وجانبها المشرق من الشهداء.. وهذا عالم قائم بذاته.
وعالم آخر، عالم الفقراء والمساكين الراكضين وراء اللقمة، العائشين في ظلال الصقيع وتحت حر الشمس المحرق، المنغمسين في حياة الفاقة والذلة. عالم مليء بالصور الفنية التي تثير المشاعر. صور الجهالة البغيضة، والحرص الرخيص، والخوف الابله. صورة الطفل الفقير والمرأة المسكينة والرجل المتعب المكدود.. كل ذلك بجانب حياة المترفين والعائشين على الكسب الحرام.
من يكتب الادب الحزبي؟:
لا بدَّ أن يتجه بعض الدعاة الى كتابة الادب الحزبي بصورة خاصة والادب الاسلامي بصورة عامة ونعتمد في ذلك على الجادين من اصحاب الهمم اكثر مما نعتمد على اصحاب المواهب المهملين لمواهبهم. واذا اجتمعت الموهبة والجدية في العمل نحصل على الانتاج الادبي المؤثر في الناس الملفت لأنظارهم.
والأدب الحزبي هو أرقى أنواع الادب وأقلها وجودا في المجتمع لأنه الادب الذي يعبر عن اسمى الانفعالات الانسانية المرتبطة بالله تعالى والعاملة من أجل الصالح العام للناس. والاديب الحزبي هو الذي يكتب بانفعالات صادقة معاشة وليس بانفعالات متفرج او مستأجر كما هو حال أكثر الادباء الذين ينفعلون وهم على سطح الاحداث والصور او على هامشها.
ان تنمية وتوجيه هذه الانفعالات النفسية يحتاج الى معرفة دقائق الفن الادبي، وعلى الذي يريد ان يدخل هذا المجال ان ينمي مواهبه بالدرس والتعب والجد فيطلع على امهات الكتب الادبية في الفن الذي يريد ان يمارسه، فالداعية الذي يريد كتابة المسرحيات يطلع على امهات المسرحيات التي كتبت باللغة التي يتقنها او ترجمت ترجمة أدبية ويطلع على دقائق فن كتابة المسرحية كما يراها النقاد وكتـَّاب المسرحيات.. وهكذا بقية اجزاء الفن الادبي.
قدرة البيان الكامنة لدى الانسان:
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ ﴿٣﴾ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴿٤﴾
تمر الطاقة الفكرية لدى الانسان وقدرته على الابداع البياني بمرحلة كامنة قبل خروجها الى حيز الواقع حيث تعيش افكاره واحاسيسه في داخله في هذه المرحلة وتتنامى او تتناقص حسب امكانياته الذاتية وتشغيل هذه الامكانيات. فالرجل المنغمس بالذات او المغرم بالمال يعطل هذه الامكانيات ويصبح كالانعام.
ان مدى حيوية الانسان ويقظته هي التي تحدد الكمية والنوعية للتحولات في هذه القدرة الكامنة الى عمل ادبي يتأثر به الناس ويرون فيه انفسهم وآمالهم وآلامهم. وهذه القدرات الكامنة موجودة لدى قسم كبير من الناس بحيث يمكن تحويلها الى قدرات عملية، ولكن الافراد الذين يقضون حياتهم في الاحلام والاوهام والمخاوف والقلق والركود اكثر من اولئك النفر الذين يستطيعون ان يدفعوا بعجلة الشعور الى خارج حيز الشعور الضيق والى فضاء الفعل الرحب. هذا في حالة المجتمع المتحرك.
اما في المجتمع الراكد فان هذه القدرات الكامنة تكون في حالة سكون مطبق او غيبوبة.
ان الجهد الذي يبذل في تحويل القدرات الكامنة في النفس الى فعل يتناسب مع مقدار التلبس بالهدف ويتناسب مع عظمة الهدف وابعاده. ولذلك فان الجهد الذي بذله الرسول القدوة صلى الله عليه وآله وسلم بلغ حدا امره الله بتخفيفه وقال له طه ﴿١﴾ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ ﴿٢﴾.
ان الارادة الانسانية هي التي تحول الشعور الكامن الى فعل وان الهدف الحياتي هو الذي يعيـَّن شكل الفعل، فقد يكون الانتاج الفكري الادبي جماليا او اجتماعيا وقد يكون اسلاميا وقد يكون حرا سائبا، فاذا كان المنطلق الذي يحياه الانسان هو الاسلام والواقع يكون الانتاج ادبا اسلاميا عاما او ادبا اسلاميا حزبيا.
ان التأثر بالواقع دون التأثر بالفكر يجعل الاديب كالمصور الفوتوغرافي ويكون أدبه واقعيا راكدا ساكنا، اما اذا تأثر الاديب بفكر وكان ذا اهداف ومرام فانه يبدع في ابراز مآسي الواقع ويحرك بأدبه وفنه مشاعر الآخرين لدفهعم الى الحركة في الاتجاه الذي يرسمه ويكون ادبه واقعيا متحركا.
واذا ارتبط الاديب بعقيدة كالعقيدة الاسلامية التي تنير ما حوله وتوضح موقعه من الزمان والمكان فانه قد يصل الى قمم فكرية وروحية وفنية لا يصل اليها المفكر المادي وتجري على لسانه وقلمه الحكمة ويستوعب الاحداث حتى يرى ببصيرة المؤمن العارف يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ.
فالى التخصص الادبي ايها الدعاة وسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
نماذج من الادب الحزبي:
نموذج رقم (١)
نموذج رقم (٢)
نموذج رقم (٣)
اللهم انـَّا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة.
نموذج رقم (٤)
يا صريخ المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين، يا وليي وولي آبائي الاولين، اكشف عنا همنا وغمنا وكربنا واكشف عنا شر هؤلاء القوم بحولك وقوتك وقدرتك.
نموذج رقم (٥)
أي جدوى ألاّ نسير على هدى نجواك في صراع الحياة.
أترانا نشذ عن دربك الواعي تحثنا خطى منكرات.
ان دينا ترشه شفة الله لدين يسمو على اللهوات.
روعة المجد تستريح بجنبيه فهلاَّ نعيه بعد افتئات.
لست ارضى الا باشراقة القرآن تجلو آفاقنا الداجيات.
كل اشعاعة أنامل خير تزرع الخير في شتيت الجهات.
ها هنا معبر يسير به العدل فلا الحيف باحث عن قناة.
وهنا موكب المساواة لم يزحف على دربه انحياز السراة.
والاخاء العظيم مزرعة تنبت لو شئت اخلد الحسنيات.
لست ارضى الا بأفنائها الغن ونعمى ظلالها الوارفات.
والذي يستريح في خيمة الظل ايخشى لـَفـَح الهجير العاتيات
نموذج رقم (٦)
- قد زدتموني بهذا السجن ايمانا
- فابنوا كما شئتم للحر جدرانا
- واسقوا العذاب وبثوا في عيونكم
- خوفاً ورعبا فعين الله ترعانا
- وابنوا المعاقل للآلاف تملؤها
- ولا تقيموا لامر العدل ميزانا
- ولا يزجرنكم في الله مزدجر
- ولا تعيروا لصوت الحق آذانا
- ونكلوا بدعاة الله وانتهكوا
- شرائع الدين واستهزوا به شانا
- وقدسوا الباطل الممقوت واتبعوا
- طاغوتكم واقيموا منه اوثانا
- وعلقوه على جدرانكم صورا
- وتوجوه من التدليس تيجانا
- وسفهوا كل قول فيه رشدكم
- يهدى الى الحق ايضاحا وتبيانا
- ما تحفرون سوى قبر لانفسكم
- وتنسجون له بالظلم اكفانا
- كيف السبيل بكم يوم الحساب وقد
- عنت وجوه البرايا صوب مولانا
- والنار قد سعرت للظالمين لظى
- وكل خاف من الاعمال قد بانا
- وقد وقفنا وانتم في مواجهة
- ونحن نرفع للرحمان شكوانا
- ما كنت احسب ان الظلم في وطني
- ما زال ينسج للابرار قضبانا
- حتى دهيت ومما زاد في المي
- اني لقيت اخي في السجن سجانا
- ورغم حبي واني كنت احفظه
- من البلاء بظهري كان طعانا
نموذج رقم (٧)
- ابتاه ماذا قد يخط بناني
- والحبل والجلاد ينتظراني
- هذا الكتاب اليك من زنزانة
- مقرورة صخرية الجدران
- الليل من حولي هدوء قاتل
- والذكريات تمور في وجداني
- ويهدني المي فانشد راحتي
- في بضع آيات من القرآن
- والنفس بين جوانحي شفافة
- دب الخشوع بها فهز كياني
- قد عشت اؤمن بالاله ولم اذق
- الا اخيرا لذة الايمان
- انالست ادري هل ستذكر قصتي
- ام سوف يعروها دجى النسيان
- او انني ساكون في تاريخنا
- متآمرا او هادم الاوثان
- كل الذي ادريه ان تجرعي
- كأس المذلة ليس في امكاني
- لو لم اكن في ثورتي متطلبا
- الا الضياء لامتي لكفاني
- هوى الحياة كريمة لا قيد لا
- ارهاب لا استخفاف بالانسان
- فاذا سقطت سقطت احمل عزتي
- يغلي دم الاحرار في شرياني
نموذج رقم (٨)
كالاساليب القديمة
كحكايات ابي جهل اللئيمة
عندما لونت الدعوة اجفان الحياه
بالشعاع الوادع السمح.
بألطاف الاله..
عندما مرت خطى الايمان في أول درب
وحنت تحتضن الانسان في أطيب قلب
ورسول الله يدعو القوم في رفق وحب
واذا بالصوت محموم الصدى بالاثم
ساخر..
انها دعوة مجنون
وساحر
وتخطت دعوة الاسلام اسوار الضلال
في انطلاق يتحدى بالسنى زهو الليال
وتوارى في ظلام التيه ابطال الجريمة..
ثم عدنا وابتدأنا
دربنا..
عبر الرسالات العظيمه
وخطونا نحوها اول خطوه
وأثرنا الوعي في عزم وقوه
فالتقينا بالاساليب القديمه
بحكايات ابي جهل اللئيمه
بتعابير جديده
وضلالات عنيده
انها دعوة رجعي مكابر
انه الافيون قد جاء لتخدير الضمائر
غير انـَّا سوف ندعو للاساليب الكريمة
وستندك مع الفجر الاساليب القديمة