حول الاسم والشكل التنظيمي

مقدمة نشرة "من النظام الداخلي" صدر في عام ١٣٩٤ هجري

ان اسم (الدعوة الاسلامية) هو الاسم الطبيعي لعملنا، والتعبير الشرعي عن واجبنا في دعوة الناس الى الاسلام. ولا مانع ان نعبر عن انفسنا بالحزب والحركة والتنظيم، فنحن حزب الله، وانصار الله، وانصار الاسلام، ونحن حركة في المجتمع وتنظيم في العمل. وفي كل الحالات نحن دعاة الى الاسلام، وعملنا دعوة الى الاسلام.

والشكل التنظيمي الذي اخترناه في دعوتنا، هو تطوير للشكل الشائع في التنظيمات المعاصرة مع ملاحظة ما تقتضيه مصلحة الدعوة الى الاسلام. وسبب اختيارنا له يعود الى مشروعيته اولا، وفائدته ثانيا.

اما مشروعيته فلأن اسلوب الدعوة الى الاسلام، انما هو الطريق التي يمكن بواسطتها ايصال الاسلام الى اكبر عدد من الناس وتربيتهم بثقافة الاسلام تربية مركزة تدفعهم للقيام بما فرض الله عليهم. وحيث ان الشريعة الاسلامية لم تأمر باتباع اسلوب محدد في التبليغ والتغيير، جاز لنا شرعا انتهاج اية طريقة نافعة في نشر مفاهيم الاسلام واحكامه وتغيير المجتمع بها ما دامت طريقة لا تتضمن محرما من المحرمات الشرعية.

واية حرمة شرعية في ان تتشكل الامة الداعية الى الخير والآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر في هيئة وجهاز وتكوّن كيانا موحدا وفعالية منتجة في الدعوة الى الله عز وجل.

ان الرسول القائد صلى الله عليه وآله وسلم لو كان في عصرنا، لاستعمل بمقتضى حكمته الاساليب الاعلامية والتبليغية المعاصرة والملائمة. والحق ان اسلوبه ﷺ في الدعوة ما كان عن التنظيم الحلقي ببعيد.

ان تجميع الجهود من اجل الاسلام وتنسيقها بحكمة واختيار الطريقة الافضل لتنظيم ذلك ليس مجرد امر جائز في عصرنا وحسب، بل هو واجب ما دام تغيير المجتمع وتعبيده لله، ومجابهة الكفر المنظم متوقفا عليه.

واما فائدة التنظيم الاسلامي، فقد اثبتت التجربة في مختلف التنظيمات العالمية ان التنظيم هو الاسلوب الناجع في تغيير المجتمع باتجاه الخير او الشر.

نعم، ان هناك فرقا بين العمل التنظيمي للاسلام وبين العمل التنظيمي لأي مبدأ آخر، وهذا الفرق ينبع من طبيعة الاسلام وطبيعة المبادئ الاخرى.

ان الروحية العامة للتنظيم الاسلامي تختلف اختلافا جوهريا عن الروحية العامة للتنظيمات الاخرى، فالعاملون في التنظيم الاسلامي يعملون لرسالة الله وليس لرسالة انسان، ويطيعون احكام الله ولا يطيعون بشرا، ويأخذون جزاءهم من الله وليس من البشر.

والتنظيم غير الاسلامي تتسلسل فيه الافضلية حسب الرتبة في التنظيم، وتصدر فيه الاوامر حسب الرتبة ايضا. اما الافضلية في التنظيم الاسلامي فهي الافضلية عند الله، فلا يستطيع ذو رتبة اعلى في التنظيم ان يعتقد في نفسه انه افضل عند الله ممن هو اقل منه رتبة.

واطاعة الاوامر في التنظيم الاسلامي، اما ان تكون اطاعة لاحكام شرعية، واما ان تكون التزاما بمصلحة شرعية قدَّرتها الدعوة.

ان الصفة الشرعية الالزامية للانضباط التنظيمي في الدعوة، تنبع:

  • اولا: من العهد الشرعي او القسم الذي يقطعه العضو على نفسه بالانضباط وفق ما تفرضه مصلحة الدعوة الى الاسلام. ومن المقرر فقهيا انه عهد ملزم باطاعة كل اوامر الدعوة الا اذا اعتقد الداعية اعتقادا جازما بحرمة تنفيذ الامر، بعد تشخيصه لموضوعه.

  • ثانيا: من توقف تحقيق الاهداف الاسلامية المقدسة في الحياة على العمل الجماعي المنظم، والمخطط له بحكمة، وتوقف فعالية اي عمل منظم على توفر الانضباط التنظيمي بين عناصره. خاصة مع فهم طبيعة القوى الكافرة في عصرنا الحاضر التي تستخدم سلاح التنظيم في محاربتها لدين الله والداعين اليه.

  • ثالثا: من اعمال الفقيه لولايته الشرعية في وجوب اطاعة التنظيم.

    ورد في الحديث الشريف:

    ”ثلاثة لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: الاخلاص لله، والنصح للمسلمين، واللزوم لجماعتهم. قيل ومن جماعة المسلمين، قال: اهل الحق وان قلوا.“

ان انعدام المأمورية البشرية البحتة ضمن اجواء الدعوة، في الوقت الذي يرتبط فيه اعضاء التنظيم بالله سبحانه والعمل لرسالته، يُشعر الدعاة تجاه اخوانهم المسؤولين، الذين يعرّفونهم ما يأمر به الاسلام وما تقضي به مصلحة الدعوة ومسيرتها من مواقف في مختلف الشؤون، بجو من الاخوة والاحترام والايثار والانضباط التنظيمي تعجز عن توفيره المبادئ الاخرى.