مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الذي امرنا بدعوة الناس اليه والجهاد في سبيله، لكي نسعد بطاعته ويتخذ منا شهداء على الناس ويتم نوره ويظهر دينه على الدين كله.

والصلاة والسلام على رسوله الداعية القائد الذي حمَّله رسالته الى الناس فأداها وبذل عمره في نصرتها.

وعلى آله الدعاة الميامين المعصومين الذين شكلت حياتهم مدرسة في التضحية والصمود الرسالي يترسم خطاها كل العاملين. وعلى صحبه الابرار، ومن دعا بدعوته وجاهد واستشهد في سبيلها الى يوم الدين.

وبعد…

لم تكتب هذه المقالات، اساسا، للنشر العام. فثقافتنا الداخلية هي للدعاة المنتظمين العاملين لتغيير الامة بالاسلام. ومن العسير ان نخاطب بها الامة على مرأى من القوى السياسية المعادية والمحاربة للاسلام.. ولكن الظروف الناتجة عن الفتنة التي تعرضت لها دعوتنا في العراق اقتضت نشر هذه الثقافة.

ان حملات الاضطهاد المتلاحقة والتعذيب الوحشي والتشريد والتقتيل، التي توجت بالكوكبة المضيئة من شهدائنا الابرار، حملات اتت قبل اوانها الاعتيادي… وهذا ليس مستغربا، فحساسية الاستعمار المرهفة ضد الاسلام، وصبيانية الحكام عملاء الاستعمار جعلتهم يتوهمون الخطر الكبير من العمل الاسلامي في هذه الفترة، مع ان الدعوة لا زالت في مرحلتها الفكرية، وليس في نيتها الا التوعية الفكرية والسياسية لابناء امتنا. والحمد لله على كل حال، فطريق ذات الشوكة لا يعبَّد الا بالتضحيات…

ولقد ادت هذه الحملات الغاشمة الى كشف وجود التنظيم للسلطات والامة، والى كشف عدد من اعضائنا، واصبحت الامة تتساءل: من هم تنظيم الدعوة الاسلامية؟ وما هي افكارهم واهدافهم؟.. تتساءل الامة بدافع الفضول او العداء او الاعجاب او التقدير او التلهف للعمل معنا، حسب الموقف الذي يقفه افرادها من العمل للاسلام. فكان من الضروري ان تعرف الامة عن دعوتنا…

… ان هذه المقالات، لم تكتب للطرح النظري ولكن للعمل. كتبت لدعاتنا المجاهدين الذين يأخذونها فقرة فقرة وكلمة كلمة، يستوعبونها في عقولهم، ويطبقونها في انفسهم وجهادهم نصا وروحا. ولهذا فلن يثمِّنها او يستفيد منها من يقرؤها كما يقرأ الفكر النظري الافتراضي او الاكاديمي الذي يملأ الاسواق ووسائل الاعلام.

ثم ان لكل واحدة من هذه المقالات تاريخا وقصة تكامل، لا يعرف قيمتها الا من عرف قيمة الكتابة الحركية المشتركة ودور التطبيق في بلورة الفكر الحركي وتنقيحه وتكميله… ولا زالت ثقافة دعوتنا تسير في نموّها الكمي والنوعي في هذا الاتجاه.

فالى العاملين للاسلام من ابناء امتنا، نقدم هذه المصابيح من ثقافتنا الداخلية لتضيء طريقهم في الجهاد كما اضاءت وتضيء طريقنا، ولتكون امدادا واثراء للحركة الاسلامية العالمية في مسيرتها الظافرة باذن الله…

والى امتنا الاسلامية التي طال عليها الامد، وآن لها ان تخشع لذكر الله وما نزل من الحق، نقدم هذه المقالات الهادفة وندعوها بها لأن تخرج من الضلال والهوان الى عز الاسلام.

يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّـهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ‌ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْ‌كُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣١﴾ وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّـهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْ‌ضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ

صدق الله العظيم

السابق