مستقبل اليهود في بلادنا

صدر في صفر ١٣٩٨ هجري

في اوج المد الاستعمارى لبلاد المسلمين تحالف الصهيونيون مع الصليبيين في غزو استيطاني لجزء من فلسطين. ثم توسع الغزو لفسطين كلها. ولبلاد الشام. وبلاد مصر. تحقيقا لحلم اليهود في اقامة دولتهم الكبرى في قلب العالم الاسلامي في اهم منطقة استراتيجيه من العالم. ولكن القهر الاستعمارى رغم شراسته لم يمكن اسرائيل من الاستقرار.. وسوف يبقى القلق يسود الوجود اليهودي رغم الخطط الامريكية وانجرار الحكام العرب وراءها. وسوف لن يكون مكان لليهود في بلادنا الا اذا قبلوا ان يعيشوا تحت ظلال رايتنا الاسلامية كمواطنين يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.

ان هذه الرؤيه التي ينشرها احد القادة الصهيونيين اقرب الى الواقع المستقبلي من رؤية التوراتيين من الصهاينة والصليبيين ورؤية حكام المسلمين المنهزمين.

يقول (ناحوم غولدمان) ان (بن غوريون) قال له:

ان العرب لايرون سوى شيء واحد هو اننا اتينا وسلبناهم وطنهم، فكيف لهم ان يتقبلوا ذلك؟ انني الآن في السبعين من العمرـ حسنا يا ناحوم ـ اذا سألتني عما اذا كنت سادفن تحت ثرى دولة يهودية فسأجيبك على الفور نعم، في السنوات العشر المقبله، في السنوات الخمسة عشرة، اعتقدانه سيكون هناك دولة يهودية.

ولكن اذا سألتني عما اذا كان ابني آموس الذي يبلغ الخمسين من العمر الآن سيكون له حظ الموت في احضان دولة يهودية.. فانني سأجيبك: خمسون بالمئه

ويسأله ناحوم:

ولكن أنى لك ان تنام وانت تحتفظ بهذه الرؤية في رأسك فيما انت ترأس حكومة اسرائيل.

واجاب بن غوريون ببساطة:

من قال لك بأني انام.

والطريف ان ناحوم غولدمان يعتبر ان اسرائيل ليست وليدة استيعاب خّلاق للتاريخ كما يردد (موش شارين) بل هي وليدة جهل بالتاريخ. ويقول (لوكان تيودور هرتزل) على احاطة كاملة بتعقيدات المشكلة اليهودية لما وضع كتابه ”الدولة اليهودية“.

فهو (اى هرتزل) كان ينطلق من مقولة خاطئة تعتبر ان فلسطين ارض بلا شعب وان اليهود شعب بلا ارض.

كما يدحض غولدمان الرأي القائل بان انشاء دولة يهودية يعنى ضمان استمراريه الوجود اليهودي في قلب التاريخ. ويقول في هذا الصدد:

”ان بقاء الشعب اليهودي لايعود الفضل فيه الى الدولة اليهودية وانما الى الدياسبور الشتات. ولو ان اليهود لم يرحلوا عن فلسطين عام ٧٠م حين اقدم الرومان على تدمير الدولة وهيكل اورشليم، فقد كان من المحتمل اندثار الشعب اليهودي برمته“.

ويتفق غولدمان مع اليهودي الآخر (اسحاق دويتشر) في ان تصميم اليهود على العيش على تخوم العالم هو الذي انقذهم من السقوط في (الميكانزم) الاجتماعي الذي يطحن الجماعات والافراد في حضارات ضبابية ومقهورة غالبا وفي نظره، لولا هذا الحضور الهامشي المدهش. لما كان هناك سبينوزا وماركس وفرويد واينشتاين وكامكا.. اما عندما قامت الدولة فان العبقريات تحطمت ونشأت زعامات مرتجلة بالادعاء والزهو مثل مناحيم بيغن وموشى دايان واربيل شارون ودافيد اليعازر وفلاتوشارون. هؤلاء الذين تسلموا مقدرات الشعب اليهودي أو هم يتصورون ذلك ليسوا سوى نماذج بيروقراطية تصطنع الاحاطة بالكيفية التي يسير فيها التاريخ. كما يشير غولدمان في (المفارقه اليهودية) الى التخبط الذي تعاني منه اسرائيل حاليا حيث انعدمت العبقرية وسادت سياسة ردات الفعل. وان قيادة اسرائيل التي تناسلت عشوائيا منذ ١٩٥٠م لاتملك القدرة على اتخاذ اى قرار، فعندما يتحدث احد الزعماء الاسرائيليين عن الحرب والسلام فهو يسند ظهره الى قرار اعلى اتخذ في برلمان آخر من هذا العالم. وانه اذا حدث العكس فعلا فلن تكون العبقرية هي التي فجرت الضوء الاخضر واما عملية جذب عسكرية لاتعتبر تاريخيا محركا حقيقيا في اي حوار مع الحياة..

انها رؤية احد حكماء صهيون..

قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّ‌ونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ.