التحريك

صدر في عام ١٣٩٤ هجري

تعريفات واردة في البحث:

المجتمع: جماعة انسانيه والعلاقات التي ترتبط بها من عادات وتقاليد وقوانين.

الجماعة: مجموعة من الناس.

التغيير في الانسان: ان يتغير سلوكه مع تبدل افكاره التي قد تشمل العقيدة.

التغيير في المجتمع: ان يتبدل سلوك الانسان مع تبديل افكاره وتبدل العلاقات.

الحركة في الجماعة: ان يتحرك الناس بدوافع مختلفة ولاهداف مختلفة.

الحركة في المجتمع: ان تتأثر العلاقات الاجتماعية ويطرأ عليها التغيير ويتصل ذلك بحركة الجماعة.

اوجدت الحركة الاسلامية في المجتمع الجاهلي في جزيرة العرب طاقة وحيوية بفعل العقيدة الاسلامية وانطلقت الى العالم لتغّير معالمه السياسية والاجتماعية بسرعة لا تزال موضع تعجب من مؤرخي الحضارات الانسانية. وظلت العقيدة الاسلامية محركا لجماعات المسلمين على مدار التاريخ مع ما اعترى بلاد المسلمين من عوامل اثرت على حيويتهم.

وكان ابرز هذه العوامل تباعد كثير من حكام المسلمين عن تطبيق الشريعة الاسلامية، لكن حيوية العقيدة الاسلامية والاحكام الشرعية ظلت تدفع الحكام المسلمين الى قمة السيادة العالمية الى ان قامت النهضة الصناعية الاوروبية واثمرت ثمارها المادية فاختل الميزان الدولي ورجحت كفة البلاد الاوروبية.

ومنذ القرن السابع الهجري ابتدأ المجتمع الاسلامي بالهبوط واستمر في ذلك رغم ارتفاع القيمة السياسية والعسكرية للدولة العثمانية التي رفعت لواء الجهاد ودقت ابواب فيينا في اواسط اوروبا بينما بقي المجتمع الاسلامي في جميع البلاد الاسلامية وحتى اليوم مجتمعا راكدا يتحرك ببطء.

صيحات التحريك في المجتمع الاسلامي:

ان صيحات التحريك الاصيلة التي نادى بها قادة المسلمين في بداية هذا القرن واواخر القرن الماضي هي امتداد لما قام به المسلمون على امتداد تاريخهم، الا انه لم تكن لصيحات هؤلاء القادة وغيرهم اثار ايجابية على المجتمع ولا على الجماعة الاسلامية، وانما كان اثرها محدودا لا يتجاوز التأثير على الافراد وذلك لسببين رئيسيين:

  • الاول: هو ان الوعي على الحقائق الفكرية والسياسية لم يكن متكاملا لدى هؤلاء القادة.

  • الثاني: هو ان عوامل ركود المجتمع كانت من الكثرة والتعقيد والرسوخ بحيث انها كانت تحتاج الى عوامل تحريك صحيحة وقوية ومتواصلة لتعطي تأثيرها المطلوب، بينما كانت صيحات عدة من القادة متأثرة بالتيار الحضاري الغربي.

ولكن بعد الغزو العسكري للمنطقة كثرت الصيحات بل تضاعفت وسارت بأكثرها على خطى من سبقوهم، وفي مقابل هذا العمل الاسلامي الايقاظي كان الاستعمار يعمل دون كلل او ملل لتحريك المجتمع الراكد الجامد والذي يحمل في كوامنه امكانية التحرك نحو الافضل.

كان يعمل الاستعمار لتحريك هذا المجتمع نحو التمييع فعمل على تغيير القوانين وهي احد مقومات المجتمع وابتدأ بغرس الفكر الملائم لبقائه في المنطقة بشتى انواع الاساليب وكان المستعمرون يشعرون بصعوبة تحريك المجتمع ولكنهم لم ييأسوا واستعملوا اسلوبا بطيئا ولكنه اكيد النتيجة.

وفعلا بعد بضع عشرات من السنين تحول التفكير السياسي والاجتماعي في بلاد المسلمين عن الاسلام الى حد كبير وهذا مايسعى اليه الاستعمار الذي لايزال يرعى عملاءه السياسيين والفكريين لاتمام الشوط الذي بدأه، وما نراه اليوم على الساحة السياسية من اعمال وافكار واشياء تقوم بها السلطات الحاكمة والاحزاب المتنوعة في الربع الاخير من القرن العشرين في بلادنا ليس الا تكريسا للافكار والاعمال والاشياء التي تملأ ساحة العمل بما لا يجدي في علاج مشاكلنا.

ان الواقع الاجتماعي بما فيه الواقع السياسي يدعونا الى تحريك معاكس يتجه نحو الاسلام ويتجه الى تغيير الافكار والاعراف والتقاليد والسلوك العام والسلوك الخاص.

تحريك الجماعة:

ان تحريك الجماعة يعني ان تلتف الجماهير حول شعار ما مطروح بشكل ما ويظهر هذا الالتفاف بمظهر ما ولو كان اظهار عدم الرضا والامتعاض الجماعي. فالافكار والاعمال والاشياء التي تؤثر على مشاعر الجماهير هي التي تحرك الجماعة.

ان الجماعة تتحرك لتأييد زعيم تعتقد بكفاءته واخلاصه فتحبه وتثق به وتلبي توجيهاته بسرعة كما حصل مع الزعيم المهدي في السودان وجمال عبد الناصر في اكثر البلاد العربية ومع عبد الكريم قاسم في العراق.

وتتحرك الجماعة لتأييد حزب يحمل شعارات تعبر عن مصالح الناس ويقوم باعمال تحبها ويكون حائزا على ثقتها، مثال على ذلك تأييد الشعب في مصر لحزب الوفد المصري وتأييد الاتراك لحزب الشعب في سنوات تأسيسه الاولى وتأييد الناس للحزب الشيوعي في كثير من الاقطار.

يمكننا ذكر اهم عوامل تحريك الجماعة بما يلي:

  • أ. العقيدة والدين والمذهب.

  • ب. الحكم الاجنبي المباشر.

  • ج. ظلم متراكم.

  • د. وعي اجتماعي وسياسي على مطاليب محددة.

  • ه. تخطيط حزبي ناجح.

والطابع العام لحركة الجماعة هو الحماس والاندفاع وتأثر الافراد واندماجهم في الجماعة.

تحريك المجتمع:

يبدأ تحريك المجتمع بتبديل جزئي في سلوك الجماعة او في علاقات الناس ويتعاقب العمل المحرك للجماعة ويتحرك المجتمع بهذا العمل وتزداد كمية الحركة وتنتشر في انحاء متعددة في بقعة جغرافية وبشرية معينة ويؤدي ذلك الى تبدل كلي فيه، ويتغير المجتمع من حال الى حال.

والطابع العام لحركة المجتمع فكري وعاطفي، وَالَّذِينَ هُم بِرَ‌بِّهِمْ لَا يُشْرِ‌كُونَ ﴿٥٩﴾ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَ‌بِّهِمْ رَ‌اجِعُونَ ﴿٦٠﴾ أُولَـٰئِكَ يُسَارِ‌عُونَ فِي الْخَيْرَ‌اتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴿٦١﴾ فالاعمال التي تؤثر على الجماهير وترتبط بفكر ومفاهيم من علاقات المجتمع تحرك المجتمع.كمثال على ذلك الاعمال التي قامت بها الدعوة الاسلامية الاولى كانت تحرك المجتمع لانها كانت تؤثر وتغير سلوك من يؤمن بها، فهذا التغيير الجزئي هو تحريك للمجتمع بما في ذلك حركة الجماعة المضادة لدعوة الرسول في مكة.

كذلك فان الثورة الثقافية التي قامت بها قيادة الحزب الشيوعي الصيني هي تحريك للمجتمع لانها تؤثر على العلاقات.

ان تحريك الجماعة عندنا ليس مقصودا بذاته كما ان تحريك المجتمع ليس هو نهاية المطاف، فالتغيير الكامل للمجتمع هو المطلوب عندنا.

وان معرفة التحريك وكيفيته ضرورة لتكون دليلا على الممارسة الفعلية. وهذا الموضوع يثار بشكل ما من قبل جميع قادة الامم الذين عملوا على تغيير مجتمعاتهم، وان تلامذة من نجح من هؤلاء القادة. جعل الطريقة التي سلكها المعلم او القائد هي الطريقة المثلى، فنظرية الصراع الطبقي الماركسية التي ركزت على الصراع بين عمال الصناعة وارباب الصناعة هو طريق انتصار الاكثرية التي تعيش من كدّ جبينها.

وعملية التحريك تبدأ في الفهم الماركسي في مناطق التجمعات الصناعية وهي عادة في المدن المزدحمة ويبدأ التحريك من المدن وبعد نجاحه يعم القرى. الا ان الماركسي ماوتسي تونغ لم يجد لتنظيمه مجال عمل في المدن الكبرى لسيطرة السلطات الحاكمة عليها فعمل من المناطق النائية عن السلطة مع فلاحي الصين وزحف على المدن الكبرى.

ان التحريك يبدأ من المكان الملائم للعمل سواء كان مدينة أم قرية شرط ان يكون للمكان تأثير على ما حوله، اذ ان السيطرة على مكان منعزل او مكان غير محترم عرفا لا يؤدي الى مدّ النفوذ الى ما جاوره الا بالقتال المتفوق. ولِّتُنذِرَ‌ أُمَّ الْقُرَ‌ىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا.

ان نجاح لينين في روسيا لا يتناقض مع نجاح ماوتسي تونغ في الصين وان اختلفت نقطة انطلاق العمل لكل منهما، فالعمل في المدن الروسية كان ملائما للحزب الشيوعي الروسي والعمل في الريف الصيني كان ملائما للحزب الشيوعي الصيني.

عناصر التحريك الاولية:

لو حللنا اي حركة من الحركات الجماعية والاجتماعية لوجدنا ان العوامل الاولية لها اربعة:

  1. البيئة البشرية الملائمة.

  2. الفكرة ذات الفعالية.

  3. الخطة.

  4. الفعاليات او النشاط او التغيير.

وقد لا تظهر بعض هذه العوامل في بعض التحركات كأن يقال ليس لهذه الحركة خطة وتسمى عندئذ حركة عفوية وكأن يقال انه ليس لهذه الحركة فكرة ذات فعالية وتسمى عندئذ حركة عشوائية، والحقيقة ان للحركات العفوية خطة ولكنها خطة غير موضوعة بشكل مدروس وتكون الخطة واضحة باذهان الجماهير اما مأخوذة بالوراثة من جيل سابق او مأخوذة من عمل سابق اصبح تقليدا او هو في سبيل ان يكون تقليدا، وكذلك لا تخلو اي حركة من فكرة، واحيانا تكون الفكرة مختمرة باذهان الجماهير او في فترة زمنية معينة او ان الفكرة كانت رد فعل له تأثير عام على الجماهير او غير ذلك من اشكال وجود الفكرة.

كمثال لذلك: توفي الزعيم الديني الكبير المرحوم السيد محسن الحكيم في ظرف سياسي متوتر والعرف في مثل هذه الحالة ان تشترك جماهير واسعة في التشييع، وكان التشييع تظاهرة جماهيرية عنيفة ضد السلطة، الامر الذي اوهم السلطة ان مؤامرة واسعة النطاق تختبيء وراء هذه العملية، والحقيقة هي ان الظرف السياسي المتوتر كان باعثا لخزن مشاعر غضب كثيرة ضد السلطة وجدت في التشييع متنفسا لها. فالخطة في هذه الحركة مأخوذة من العرف والفكرة ناتجة من الظرف السياسي.

البيئة البشرية الملائمة:

والمقصود بالبيئة هنا هي المنطقة الجغرافية المسكونة وقد تكون البيئة منطقة واسعة كأن تكون العالم الاسلامي او تكون بيئة ضيقة كأن تكون المحلة الشرقية في مدينة كذا. ومن المؤكد ان العالم الاسلامي بيئة ملائمة جدا للتغيير وعلى اساس الاسلام فقط لا على اساس غيره وسنطرق هذا الموضوع في فقرة تالية ولكن ضرورة العمل تؤكد معرفة التفاصيل الدقيقة للموضوع، فان كان العالم الاسلامي فيه الاستعداد الكافي للتحرك اذا توافرت بقية الظروف فليس معنى هذا ان كل اجزائه لها استعداد للتغيير ففي عواصم البلاد الاسلامية

احياء للمترفين المؤيدين لاوضاع البلاد الاقتصاية والاجتماعية، وفي مثل هذه البيئة يصعب التحريك لان الاستقرار للمترف هو الوضع المثالي، فالحركة قد تؤثر على استمرارية الترف.

وفي كل من هذه العواصم وغيرها من بلاد المسلمين احياء للفقراء والمعدمين، فليس الترف والفقر وحدهما لهما التأثير في هذا المجال وانما هناك عوامل متعددة وكثيرة تؤثر على تحريك الجماعة او المجتمع، واهم هذه العوامل هي:

  1. العقيدة الحية: ان وجود العقيدة الحية في نفوس معتنقيها تثيرهم اذا تعرضت العقيدة لسوء او تعرض بعض من حملة العقيدة لسوء بسبب العقيدة، وقد يرتبط بالعقيدة افكار ومفاهيم وشريعة للحياة وعندئذ تكون العقيدة وما ينبني عليها وما ينبثق منها عاملا مهما لتحريك المجتمع. ان صراعا حادا في عالمنا المعاصر احد عوامله المهمة العقيدة وما حرب فيتنام او الحرب في ايرلندا او الفليبين الا امثلة على تحرك الناس بسبب عقيدتهم الشيوعية في فيتنام وعقيدتهم المذهبية الكاثوليكية في ايرلندا وعقيدتهم الاسلامية في الفليبين.

  2. الظلم: يولـِّد الظلم في نفس الانسان الميل لمقاومته، وذلك من الامور التي فطر الله الناس عليها لان الانسان يحب الخير لنفسه ولا يحب الشر لها.

  3. الفقر: ان عدم حصول الانسان على ما يكفي لسد رمقه يجعله في وضع غير مستقر ويسعى جهده لسد هذه الثغرة في حياته وعندما يشيع الفقر بين جماعات من الناس يصبح واقعا قويا لتحريكهم في سبيل تغيير اوضاعهم.

  4. الحكم المباشر للاجنبي: يكره الناس ان يتسلط الاجنبي عليهم مباشرة وخاصة عندما يكون القصد من الحكم نهب خيرات البلاد واستخدامها لمصالحه واهمال مصالح البلاد.

  5. حكم العملاء المفضوحين: ان حكم العملاء المفضوحين لا يختلف كثيرا عن الحكم المباشر للاجنبي وخاصة اذا كان في بيئة ينتشر فيها الوعي السياسي.

  6. التمييز بين الناس: في كثير من اقطار العالم الاسلامي وبتأثر من المفاهيم التي زرعها الاستعمار في اذهان الناس وبتقاليد الحكم التي وضعها الاستعمار وبتأثر بمفاهيم خاطئة موروثة، تميز السلطات الحاكمة بين الناس على اساس عنصري اومذهبي او طبقي او اقليمي، والتمييز بين الناس يؤدي الى تحريك الجماعة التي يقع عليها حيف التمييز ان كان في تلك الحركة امل في ازالة التمييز.

  7. الاحساس بالكرامة: اذا كان الناس في بيئة ما قد ماتت الكرامة فيهم لتراكم اليأس، يصعب تحريكهم اما اذا كان الاحساس بالكرامة سائدا فعندما يحس الناس بامتهان كرامتهم من الحاكم او من أي جهة اخرى يمكن ان يتحركوا للثأر لكرامتهم.

  8. العصبية: هي ان يهتم الانسان باقاربه وارحامه وهذا سائد في الارياف و البيئة العشائرية اذ يتحرك الناس هناك بحمية مفرطة لنصرة بعضهم البعض اذا ما ظلم احدهم.

الفكرة ذات الفعالية:

الفكرة او الافكار ذات الفعالية هي الافكار التي تعبر عن حالة قائمة في البيئة المؤهلة للتحريك بوجود عوامل التحريك، وعندما نعرض الفكرة على الناس يجدونها في حياتهم ولا يجدون اي صعوبة بفهمها او الاهتداء اليها.

والشعارات الناجحة هي الافكار ذات الفاعلية سواء كانت حقا او باطلا.

ان اكثر الاحزاب في العالم الاسلامي يطرحون الشعارات طرحا لا يستند على اي اسس موضوعية ويأخذون الشعارات او بالاصح يستنسخونها من بيئات اخرى تكون بالنسبة للاحزاب موضع انبهار وتقدير ويتخذونها كقدوة في اعمالهم دون النظر الى الفروق الاساسية والتفصيلية بين البيئة الاولى والبيئة الثانية.

ان وضع الافكار العملية ذات الفاعلية مسألة مرتبطة بالواقع، فالعقيدة والظلم والفقر والتمييز وحكم الاجنبي المباشر وحكم العملاء المفضوحين وواقع الحياة الاجتماعية يمكن ان نستخرج من كل منها افكارا كثيرة.

والفكرة المستنبطة لموضوع ما في هذا البلد قد تختلف عن الفكرة المستنبطة لنفس الموضوع في بلد آخر، ان الفكرة المستنبطة ذات الفعالية ينبغي ان تكون:

  1. واضحة لدى الناس.

  2. تؤثر على مشاعرهم.

  3. مأخوذة لمعالجة قضية يعيشونها مباشرة اي لا تكون قضية تاريخية مثلا او ان تكون قضية من المحتمل ان تحدث بعد حين او انها قضية تبتلي بها بيئة اخرى ولا علاقة لها بالبيئة المراد تحريكها فعلا.

ان الفكر الذي لا يستند على العقيدة الاسلامية ولا يرتبط معها يفقد فعاليته الحقيقية اذا كان المراد من عملية التحريك هو التغيير الشامل وذلك لان المسلمين جربوا مختلف الافكار الوضعية ولم تنجح في التطبيق ولم تحدث اي نهضة من جرائها، وسيتكرر الفشل عند تكرار التجربة، فليس هناك طاقة انسانية تقف موقف الاحترام والتقديس لفكرين متعارضين فأما ان يحترم الناس ويتأثروا بالفكر الاسلامي فقط او بالفكر الوضعي فقط، وبما ان تبديل عقيدة الناس الاسلامية تشبه المستحيل فليس باستطاعة اي فكر آخر ان يحدث نهضة في العالم الاسلامي سوى الفكر الاسلامي، وان كافة المظاهر المعادية للاسلام والموجودة في بعض اوساط الامة لا تلبث ان تزول عاجلا ام آجلا.

الخطة:

عناصر الخطة ثلاثة:

  • اولا: تعيين الهدف.

  • ثانيا: رسم طريق للوصول الى الهدف.

  • ثالثا: تنفيذ اعمال للوصول الى الهدف.

ومقومات الخطة ثلاثة: الفكرة الصائبة، والدراسة الموضوعية المتكاملة. والمنفذون الاكفاء القادرون على استيعاب الفكر والعمل.

توضع الخطة على مرحلتين، الاولى الخطة الرئيسية التي تحتوي على العناصر الرئيسية للعمل مثل تعيين الهدف من العمل وموضوع العمل ومكان العمل والمنفذين.

والخطة الجزئية وتحتوي على جدول مقترحات التنفيذ وتفاصيل الاجراءات اللازمة لتحقيق الخطة وتنفيذ الاعمال الجزئية بمدد معينة مع ملاحظات اخرى للمنفذين.

والاعمال التي يخطط لها تختلف باختلاف مراحل العمل، فأعمال المرحلة الاولى مرحلة البناء تطغى عليها الصفة الفكرية واعمال المرحلة الثانية تطغى عليها الاعمال السياسية واعمال المرحلة الثالثة تطغى عليها الاعمال الفعلية.و عادة الاحزاب السياسية لا تضع خططا الا في الامور المهمة العليا، بينما القيادات العسكرية تضع الخطط لجميع اعمالها، وذلك لان عمل الاحزاب السياسية سياسي واجتماعي تحيطه عوامل كثيرة ومعقدة بينما الاعمال العسكرية محددة وعوامل الاحاطة بها يمكن دراستها واستيعابها بشكل ايسر من تلك.

الا ان الاعمال السياسية مثل خوض الانتخابات وما شابه، فان الاحزاب السياسية الكبرى في العالم الرأسمالي تخطط لها لان العوامل المؤثرة فيها معروفة ومحددة، وبالنسبة للاحزاب الشيوعية الحاكمة تكون الخطط من وضع السلطة التي هي بيد الحزب مع استخدام اجهزة الدولة المختلفة لوضع الخطة بعد تعيين الهدف.

ومن المفيد ان نتعود على وضع خطط مكتوبة لاعمالنا المهمة، وعندما يكون الهدف مهما في مسيرة العمل يمكن ان يضع المخططون له عدة خطط للتنفيذ. ففي حال فشل واحدة يكون البديل موجودا والخطة الاولى هي التي تحتمل النجاح والخطط الاخرى تسمى بدائل فتكون هناك خطة اولى وبديل اول وبديل ثان.

النشاط:

العنصر الرابع من عناصر التحريك. الفعاليات المختلفة. فعملية التحريك لا تنجح بدون النشاط الذي يهيء الناس للحركة الا في موضوعات محددة يتحرك الناس فيها تلقائيا ومع ذلك فان النشاط ضروري فيها.

والفعاليات تختلف باختلاف المرحلة. فمنها ما يكون للمرحلة الاولى ومنها ما يكون للمرحلة الثانية. ومنها ما يتناسب مع جميع المراحل.

ان مجال الفعاليات واسع جدا ويمكن ان نضع هنا بعض النماذج من هذه المجالات التي تقع ضمن فعاليات التحريك:

  • أ. النقاش الفكري العلني وهو الحديث الذي يشترك به جماعة من الناس او يسمعه جماعة من الناس في المحافل الادبية والاجتماعية والاجتماعات العامة والجمعيات الثقافية والعلمية، او الحديث مع جماعة من الناس في المقاهي والاندية والبيوت وساحات البلد او اي مجمع مألوف للناس وكذلك مع الطلاب في المدارس والجامعات…

  • ب. النقاش السياسي العلني وهو التحدث في امور السياسة حول اعمال السلطة الداخلية والخارجية والعلاقات الدولية واعمال الحكومات المجاورة وفي الاماكن التي يسمع فيها الحديث ويشترك فيه جماعة من الناس….

  • ج. الهمس وهو الحديث مع الناس فرادى بموضوع معين، ويبذل في هذا المجال جهود مضاعفة لايصال موضوع الهمس الى افراد من مختلف الاوساط ليصل الحديث الى جمهرة من الناس كبيرة. واختيار اسلوب الهمس في نقل الفكرة الى الناس يكون عادة اما لخطورة الحديث او لتنويع التأثير على الناس او لكشف عمل مستور لجماعة معينة من الناس وغير ذلك من الاسباب.

    ويكون الحديث في الهمس حديثا صحيحاً ولا يدخل نشر الاشاعة المتعارف عليه من ضمن الهمس لان نشر الاشاعة عادة يعتمد على اختيار قضايا مستساغة ومثيرة ولا يهتم بكون موضوع الاشاعة صحيحا ام لا. بينما الهمس فكرة صحيحة تنقل للناس للتحريك او لبث الوعي…

  • د. المنشورات السرية، وهي ما يكتب ويطبع ويوزع بشكل فردي وسري على الناس لنقل الاخبار او لنشر الفكر السياسي او غيره او لنقد السلطة او اي فئة اخرى وقد يطلب تأييد الناس او معارضتهم لفكرة ما او لعمل ما مطروح على المسرح السياسي او الاجتماعي آنئذ.

  • ه. المنشورات الكفاحية، وهذه المنشورات يكون وضعها وموضوعها كما في النشرة السابقة الا ان نشرها وتوزيعها يكون علنا وذلك لتحدي السلطة او سرعة اثارة الناس او نشر الموضوع بين فئات واسعة من الناس….

  • و. النشرات العلنية وهو ان يكتب وينشر ويوزع المنشور بالطرق الاصولية القانونية ويكون عادة لتوضيح مطلب ما ولا يكون في ذلك اعتراض معلن من السلطة.

  • ز. الاضرابات وهو اعلان العصيان للاوامر الادارية والتعليمات المرعية ورغبة السلطة في مكان العمل من المدرسة او المعمل او الدائرة او السوق، وذلك بالامتناع عن العمل كليا او جزئيا لمدة محددة او غير محددة، وهذا العمل من الاساليب العنيفة في البلاد التي تحكم بالاسلوب البوليسي كما في اكثر البلدان الاسلامية….

  • ح. المظاهرات وهي خروج مجموعة من الناس مجتمعين الى الشارع لغرض معين معلن مسبقا او يعلن عنه في حينه والمظاهرة التي تخرج لتحدي السلطة تعتبر من الاساليب العنيفة كذلك.

  • ط. المواكب وهي ان يخرج الناس بمجموعات لغرض يقره العرف حتى ولو لم ترغب فيه السلطة ويطرح الموكب شعارات تناسب مناسبة القيام بالموكب، فمواكب العزاء الحسينية تطرح فيها شعارات تختلف عن طرح شعار لموكب يقوم لتعزية جماعة معينة او موكب لتشييع متوفي، ويمكن تنظيم مواكب في الاعراس واستقبال الاشخاص وتوديعهم او السلام عليهم، ومواكب رمضانية بين القرى المتجاورة او الجوامع…

  • ي. المسيرة وهي ان تقوم مجموعة كبيرة من الناس بالسير من مكان معين الى آخر لغرض من الاغراض مثلا كأن تقوم جماعة او جماعات من الناس لزيارة الامام الحسين في كربلاء مشيا على الاقدام، وتمر المسيرة في مدن متعددة وقد تستغرق المسيرة عدة ايام، ويستحسن ان توضع برامج معدة مسبقا لمثل هذه المسيرات لتؤثر على المشتركين بها وعلى مشاهديها…

  • ك. المهرجانات وهي اجتماع جماهيري لسبب معلن يجتمع فيه الناس بمكان معين ويقومون بفعاليات مختلفة كالهتاف او الاهازيج او الخطابة.

    و يظهر فيها الصخب وشدة الظهور واللافتات والزينة وغير ذلك، وتستعمل في مناسبات الانتخابات المهنية او البلدية او الذكريات او المواليد وما شاكل ذلك…

  • ل. الاحتفالات وهي اجتماع بمكان معين ولسبب معين تلقى فيه الخطب والاحاديث وقد تكون بمناسبات معروفة او مناسبات مفتعلة. او مناسبات حسب التقاليد والاعراف السائدة.

  • م. المجالس وهي تجمع قليل من الناس في البيوت او الجوامع او المدارس لدراسة قضية معينة او لتدريس موضوع او لقراءة محاضرة او ما شاكل وقد تعقد مجالس اسبوعية في البيوت بين المعارف والاصدقاء لغرض الاجتماع.

  • ن. الاعتصام وهو ان يعتصم مجموعة من الاشخاص في مكان ما وزمن معين لغرض معين ومعلن، ويفضل ان يكون الموعد والمكان غير معلنين لكي لا تحبط عملية الاعتصام، والموضوع يحب ان يكون مثيرا ومؤيدا من قبل الناس ليكون للاعتصام تأثير يحقق الهدف.

  • س. الصيام. ان اعلان الصيام للاغراض السياسية اسلوب لا نقره. لانه قد يؤدي الى خلط عبادة الصوم بقضايا لا تمت اليها بصلة، ولان الاسلوب المتعارف عليه باعلان الصوم السياسي هو بحقيقته الامتناع عن الاكل واستعمال المغذيات السائلة او الماء، وهو في هذه الحالة اسم لا ينطبق على مسمى.

  • ع. المبشر الجوال، هو ان يقوم شخص بالتجول بين القرى والمدن والمناطق المختلفة يدعو الى الله كما يقوم بذلك بعض المتفرغين للعبادة في بلاد الهند، ويمكن ان يقوم شخص بذلك بين المحلات في المدن الكبرى.

  • ف. العصيان المسلح، وهو ان يقوم جماعة من الناس باعلان العصيان على السلطة ومقاومة السلطة ومحاربتها بالسلاح وهذا عمل يقوم به اما جماعة مستندة على تأييد شعبي كبير او انها تكون مغامرة غير مأمونة العواقب.

  • ص. الثورة، هو ان يستعمل الناس في اماكن مختلفة من البلاد السلاح ضد السلطة بقيادة حزب او جماعة من الناس ولا تقوم الثورة الا بعد نضوج عواملها النفسية بين صفوف الامة وتكون بين الامة والحزب صلات فكرية وتنظيمية متماسكة.

  • ق. الفتاوى السياسية والاجتماعية، وهي ان يقوم المجتهد العام باصدار فتوى معارضة او تأييد لقضية، فتتجاوب مع مشاعر عامة الناس وينتج عن اطاعة الفتوى اثر سياسي او اجتماعي في المنطقة التي صدرت بها الفتوى.

  • ر. ردود الفعل، وهي ان تحدث قضية من جهة تثير مشاعر الجماهير فتحدث رد فعل من قبل الجماهير ضد هذه القضية ويكون الطابع العام لرد الفعل عفويا الا وجود حزب واع على الاحداث والمجتمع يمكن ان يحول ردود الفعل الى افعال منتجة.

  • ش. الانقلاب العسكري، وهو ان يقوم جزء من الجيش بعملية تغيير الحكام واحلال حكام آخرين. والانقلابات العسكرية التي تحدث في العالم الثالث لا تخلو من اصابع الاستخبارات الاجنبية , وهذا اسلوب لا يعتمده حزب يريد تغيير المجتمع.